يتذكر الطنجاويون، والمغاربة عموما، ما حدث قبيل الانتخابات البرلمانية لسنة 2002، حين سرت “شائعات” قوية في المدينة تفيد بصدور أوامر صارمة لعدد من الوجوه البرلمانية من أجل عدم خوض الانتخابات، والسبب هو تورطها في ملفات فساد ثقيلة واعتبارها من وجوه العهد القديم.

وبالفعل، فإن عددا من بارونات الانتخابات لم يمتلكوا الشجاعة لكي يتقدموا لتلك الانتخابات، وبدا أن الشائعات كانت بالفعل حقيقية، لكن لا أحد امتلك الدليل وقتها على أن الأوامر قد صدرت فعلا، لكن النتيجة بينت أن الأشياء في هذه البلاد تجري بطرق مختلفة تماما.

لكن سنة واحدة بعد ذلك المنع، وفي الانتخابات الجماعية لسنة 2003، تبخرت كل آمال الطنجاويين، وعادت كل الديناصورات الانتخابية إلى الواجهة، وبدا وكأن كل ما قيل عن المنع مجرد أضغاث أحلام.

وقتها قيل إن السلطة التي منعت بارونات الانتخابات استفاقت أخيرا وقررت السماح لهم بالترشح لأن غيابهم كان يعني سيطرة حزب العدالة والتنمية على الساحة الانتخابية، وأن الحاجز الوحيد أمام “أصحاب اللحى” هم “أصحاب المال”، لذلك عاد الوضع إلى ما كان عليه، وتحولت طنجة من جديد إلى حلبة للعب و”التخربيق”.

اليوم، وبعد أزيد من عشر سنوات على تلك الأيام، اقتربت من جديد الانتخابات الجماعية، وبدا أن الحملة الانتخابية في طنجة بدأت قبل الأوان، والذين يسخنونها هم أنفسهم الذين كانوا يسخنونها دائما، أي بارونات الانتخابات وديناصورات المال والتزوير وشراء الأصوات.

في استطلاع الرأي الذي طرحته “طنجة أنتر” خلال الأسابيع القليلة الماضية، بدا جليا جدا أن الطنجاويين يؤيدون بصورة مطلقة منع الفاسدين من الترشح في الانتخابات، ومن بين حوالي 600 صوت، كان 9 أصوات فقط مع ترك الحرية للفاسدين بالترشح، بينما الباقون مع المنع المطلق.

المسؤولون الذين بيدهم الحل والعقد يعرفون جيدا رأي الشارع الطنجي في مرشحيهم، ويعرفون من هم كبار الفاسدين في المدينة، ويعرفون الذين يشترون الأصوات والذمم والمقاعد، ومع ذلك فإنهم يتركون الحبل على الغارب لأن الفساد هو الأصل والنزاهة هي الاستثناء.

اليوم، وفي أفق الانتخابات الجماعية للعام المقبل، هل سيستمع المسؤولون لنبض الشارع الطنجي أم أنهم سيتركون الفاسدين يعبثون من جديد بقدسية الديمقراطية وحرمة الانتخابات؟

إنه سؤال مر، والأيام المقبلة وحدها ستبين هل طنجة، والمغرب عموما، يسير نحو مستقبل واضح وواعد، أم أن “لعب الدراري” هو السائد الآن ومستقبلا وفي كل الأزمنة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version