سوق انتقالات اللاعبين في العالم هذه الأيام تشبه في حركتها ساحة جامع الفنا في مراكش أو السويقة في الرباط أو درب عمر في الدار البيضاء أو كاسابراطا في طنجة أو باب النوادر في تطوان أو أي سوق آخر في أي مكان.

ففي الوقت الذي يتابع فيه الناس العاديون مباريات المونديال بطريقة بريئة، فإن تجار وسماسرة اللاعبين يفعلون العكس تماما، ويتابعون مباريات المونديال بحدس تجاري محض وعقلية اقتصادية خالصة.

أما الأندية فإنها تمارس هذه الأيام نفس الدور الذي يمارسه عمال البورصة الذين يظهرون في نشرات الأخبار وهو يصرخون ويشيرون بأياديهم وأصابعهم لكي يظفروا بأحسن البضائع وبأحسن الأسعار.

رؤساء النوادي في العالم يقومون بالشيء نفسه الذي يقوم به رجال الأعمال من محترفي الصفقات، ولا عجب في ذلك، فسواء تعلق الأمر بالبطيخ البلدي أو التين الشوكي أو نجوم كرة القدم فإن كل شيء يخضع لقوانين العرض والطلب، فلا شيء يميز بين لاعب وبين كيلوغرام من البطاطس، فكلاهما بضاعة، والبضاعة تعرض في السوق وتنتظر المشتري. بل إن سوق انتقالات اللاعبين ما يزال في جزء كبير منه يعمل بالمقايضة كما كان الإنسان يفعل في العصر الحجري، أو في مرحلة ما قبل اكتشاف النقود، وهكذا ناديا يشتري لاعبا ويدفع مقابله لاعبين اثنين، وكأن الأمر يتعلق بإنسان من العهد الطباشيري اشترى خنشة من الملح ودفع مقابلها برميلا من الزيت.

وفي كل الأحوال فإن صحف العالم ستظل طوال المونديال وما بعده تتحدث عن هذه السوق الحمقاء التي تتطاير فيها أسماء اللاعبين في الهواء ويجهد السماسرة أنفسهم في ابتداع كل الحيل من أجل تلميع صورة هذا اللاعب أو ذاك.

والحقيقة أن هذه السوق لم تعد تهدأ على مدار العام، لكنها تشتعل صيفا، وتشتعل أكثر خلال المونديال وكأنها تصاب بشرارة الحرائق كما تصاب الغابات. فبعد أيام فقط من انتهاء المونديال تبدأ السمسرة في أسماء عشرات اللاعبين النجوم، ومئات من أنصاف النجوم، وآلاف من الذين يسترزقون الله في هذه المهنة التي تدر على صاحبها أكثر مما تدره أية مهنة أخرى في العالم، باستثناء تجارة الأسلحة.

كرة القدم في مجملها ليست هي الرقعة الخضراء التي يتبارى فيها اللاعبون، بل هي أكبر من ذلك بكثير. إنها المال والصفقات والأرباح والخسائر والدسائس والمؤامرات والصراعات والإعلانات وكل شيء.

إنها أيضا سوق المتعة بامتياز. فعندما تنتهي البطولات تبدأ الصفقات لأن عشاق الكرة لا يحتملون الانتظار الطويل في انتظار بداية البطولات من جديد. لذلك فإن أخبار الصفقات والتعاقدات سواء كانت حقيقية أو وهمية فإنها تشكل جزءا لا يتجزأ من كرة القدم.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version