في مرحلة من عهد حكومة التناوب جاء محمد الكحص، وكان وزيرا للشباب و الرياضة بفكرة العطلة للجميع.
ألقى  الوزير الاشتراكي الشاب الذي دخل الحكومة يحمل كثيرا من أحلام و مشاريع التغيير الفكرة و تابعها يدافع عنها لجعل الصيف فترة ملأ الباطرايات و إعادة الروح وزرع الفرح لدى أوسع الفئات بما فيها تلك الطبقات الفقيرة الكادحة المغيبة من برامج العطلة.

العطلة  والصيف وحمامات الرمال والشمس والمخيم والبحر و السباحة والخرجات الليلية وموائد الغذاء والعشاء  والحفلات تحولت تقريبا إلى امتياز واحتكار وريع أخر لصالح طبقة على حساب أخرى.
المغرب لنا لا لغيرنا.. هكذا قالوا في بداية الاستقلال.

فهم الناس بعد عقود المغزى الحقيقي للشعار.

العطلة لنا لا لغيرنا.

البحر والجبل لنا لا لغيرنا.

والفيلات الفخمة والاقامات خمس نجوم على شواطئ المتوسط والأطلسي هي أيضا لنا لا لغيرنا.

كان البحر ملكا للمغاربة جميعا فتحول إلى ثروة منهوبة لفئة دون غيرها.

من يكتب لنا كتاب تاريخ عن شواطئ المغرب التي سكنها الفينيقيون والرومان والبرتغاليون والأسبان والإنجليز والفرنسيون.

مروا جميعا وبقي البحر هو هو. عاملوه برفق وإنسانية و لم يلوثوه بالقدر الذي لوثناه.

ضرب بالسياج والأسلاك الشائكة وشركات الحراسة والكلاب المدربة على أجود شواطئ  البلد.

لم يعد الاحتكار يخص الغاسول والعقار وقنينات الماء وشركات النبيذ وشركات السيارات وغيرها.

لقد صار البحر  ملكية خاصة و الويل و الثبور و الأسلاك الشائكة و حرس الحدود لمن “حرق” إلى الضفاف المحتلة.

متى سنقيم مسيرات ضد هذا الاحتلال عوض أن نتشفى و نسخر في جلابة لالة نبيلة.

في مرحلة الشباب كنا تجمع بعض الفرنكات و نبحث عن خيمة و نمضي إلى كاب سبارتيل  أو القصر الصغير و الدالية و الزهراء و المريصات و نخيم بشكل شبه بدائي رائع.

كان البحر بحرنا. كان  للجميع . ملكية عامة مشتركة بين الغني والفقير.

لم يكن الغنى بهذه الدرجة من الفحش والفحشاء.

كان بإمكان أبناء الاحياء الخلفية الفقيرة أن يقضوا فترة في أجمل وأجود شواطئ المغرب دون أن يزعجهم حراس أو بوليس أو حرس حدود  أو كلاب مدربة مستعدة للانقضاض على “الدخلاء” الغرباء.
العطلة لنا لا لغيرنا.

العطلة والبحر والجبل للمضاربين وأغنياء آخر ساعة.. و للفقراء و المساكين والكدح الصلوات الخمس والضباب والريح والأشواك.

كيف يقضي الكادحون عطلهم؟ أين يمضون و ماذا يستهلكون؟ وما هي الميزانية المخصصة للعطلة؟

وهل أصلا يملكون ميزانية يوم واحد؟

الفوارق شاسعة شاهقة مؤلمة بشعة.. نهب الثروات وصل منذ سنوات إلى البحر وما بني على البحر وعلى ضفاف الأنهار والبحار.

كان البحر للفقراء والصيادين لكنه اليوم أصبح ضيعة وحدائق خلفية لفئة صغيرة من “النبلاء” الذين اغتنوا  بأساليب غامضة محتالة فيها من الفساد والجريمة الاقتصادية أكثر ما فيها من الكد والجد والعمل.

من شاطئ هرهورة في تمارة إلى المحمدية يمكن لأي عابر سبيل أن يلاحظ نهب الأملاك العامة و الأراضي الساحلية والبناء العشوائي للفيلات والبانغالوهات على الماء.. لقد جعلوا عروشهم على الماء وهي منطقة محرمة للبناء دوليا وحسب كل المعايير الهندسية والطوبوغرافية والبيئية.

حين وقع تسونامي الصغير فضح بعض الهارفين على أرض الله في الشواطئ المغربية.

في كهف لحمام في أصيلا  كما في مناطق أخرى أصبح الوصول إلى البحر وشم رائحة أعشاب البحر والجلوس قبالة الموج والغروب في جلسة رومانسية حلما لا يتحقق سوى بالمخاطرة مع الحرس الخاص المزروعين في الاقامات التي احتلت البحر.

لا حق للمواطن في النظر إلى البحر ما عدا من يثبت بشهادة سكنى انه مقيم.

كهف لحمام جنوب أصيلا كان منطقة يقصدها الصيادون و عشاق البحر في كل فصول السنة.

شاطئ هادئ غني بأسماكه و طبيعته الأم الأصلية التي لم تمسسها يد البشر المخرب .كان الناس يصلون بسهولة إلى البحر ويقضون لحظات عزلة جميلة هناك قبل أن يشيد مركب سياحي ضخم على التلال المطلة على البحر فيمنع المرور على الراجلين وعلى كل من سولت له نفسه الاقتراب الى الماء الممنوع المغلق الخاص المحرم.

الطريق المولجة إلى كهف لحمام غلقت بقرار ولا طريق اليوم سوى عبر الإقامة السياحية” مارينا” التي يقف في بابها جنود وعيون آلهة المكان..المغرب لنا لا لغيرنا.

المغرب لهم .. لمن عرفوا من أين تؤكل كتف الوطن ولن يملأ جشعهم وأفواههم وعيونهم سوى ثرى القبر.

العطلة لهم لا لغيرهم..العطلة ليست للجميع ..كم كنت حالما سي محمد الكحص.

العطلة للنبلاء وأبناء لفشوش والمنعم عليهم وللهارفين والهارفات والسارقين و السارقات . وليس للمغضوب عليهم الذين لا يصلحون سوى لصناديق الاقتراع.

قاطعوا الانتخابات قبل أن تبنى الجدران العازلة على ما تبقى.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version