لم يكن بوحمارة ظاهرة غريبة أو استثنائية في المغرب نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. كانت الفوضى في ذلك الوقت قابلة لأن تفرز أي شيء، بما فيها تحول كاتب في القصر السلطاني إلى مطالب بالحكم ورغبته في تولي أرفع المناصب في الدولة.
وعندما كان بوحمارة يقضي فترة قصيرة في السجن بسبب اتهامه بالتزوير في وثائق تخص القصر السلطاني، كان إلى جانبه رجل اسمه محمد أنفلوس، وآخر اسمه المنبهي.
بعد ذلك أصبح أنفلوس عاملا على مدينة حاحا، والمنبهي أصبح وزيرا للحربية، ولم يبق سوى أن يتولى بوحمارة بدوره منصبا رفيعا في البلاد، غير أن ذلك لم يحدث، فخرج من السجن يجوب المناطق النائية طلبا للأنصار والسلطة.
ومما يحكى عن بوحمارة قوله، أنه مادام المنبهي صار وزيرا للحربية، فلم لا يصبح هو سلطانا، خصوصا وأنهما سجنا معا بنفس التهمة تقريبا، فكيف يصبح المنبهي، الذي يقال إنه كان أقل كفاءة وذكاء وعلما من بوحمارة، وزيرا للحربية، وبوحمارة يصبح لا شيء.
هكذا وطد بوحمارة العزم على أن لا يكون سوى أميرا أو سلطانا، فتحقق له المراد لسبع سنوات، لكن هذا الطموح الكبير قاده في النهاية إلى قفص، ثم تم تقديمه إلى أسد جائع، وعندما لم يفترسه لسبب ما، عملت فيه الخناجر ما عملت.