تعيش منطقة “الدالية”، الموجودة على مرمى حجر من ميناء طنجة المتوسط، وهو واحد من أكبر موانئ العالم، على وقع فضائح وحالات تسيب يرتكبها مسؤولون ومنتخبون في المنطقة، والتي لم تجد إلى حد الآن منفذا نحو أذان وعيون الجهات المعنية.
ووجد سكان منطقة “الدالية” الساحلية، التابعة للجماعة القروية قصر المجاز، قرب ميناء طنجة المتوسط، أنفسهم مجبرين على الصمت على خُروقات التعمير التي يقترفها عددا من أعوان السلطة والمنتخبين، بينهم “مقدم” المنطقة وبتواطؤ مع القايد وخليفة القايد.
وتعرف منطقة الدالية وأماكن ساحلية أخرى مجاورة لها، تفشيا لنوع خاص من البناء العشوائي، إذ في الوقت الذي يمنع السكان من البناء فوق أراض مملوكة لهم، يقوم رجال سلطة ومسؤولون جماعيون وأثرياء من أصحاب النفوذ بإنشاء بنايات ضخمة دون أي تحرك من السلطات.
ويعيش سكان الدالية على إيقاع موجة من الترهيب يخوضها ضدهم مسؤولون وأعوان سلطة، حيث يتم تهديدهم بالزج بهم في ملفات ملفقة انتقاما منهم، وذلك بعد احتجاجهم على بناء دور عشوائية على مقربة من الشاطئ في ملكية أعوان سلطة، في الوقت الذي تقوم السلطات بهدم محلات صغيرة وبعيدة بين ثنايا الجبال ومخصصة أصلا لتربية الماشية.
وكانت آخر حالات التسيب في منطقة “الدالية” قيام مقدم المنطقة، المدعو البقالي، ببناء مسكن فوق الأملاك المخزنية، بمباركة رؤسائه، حيث أقام منزلا على بعد أمتار من الشاطئ، من دون أن تمتد إليه يد القانون، حيث أغمض القايد عينيه معا على هذا الخرق الفاضح للقانون.
وحصلت “المساء” على عريضة احتجاجية موقعة من طرف مئات السكان، بالإضافة إلى شكاية موجهة لوالي طنجة، محمد اليعقوبي، والتي تتضمن التفاصيل الكاملة لهذه الواقعة ولباقي الفضائح في المنطقة، حيث يكشف السكان أن المقدم، قام ببناء مسكنه الخاص فوق قطعة أرضية تابعة للأملاك المخزنية وغير بعيد عن شاطئ البحر، وطالبوا من السلطات بالتحقيق العاجل في موضوع هذا البناء وفي باقي الفضائح العقارية وقضايا الاستيلاء على أراضي تابعة للأملاك المخزنية.
وقدم السكان حالة المقدم البقالي كنموذج لحالة التسيب في المنطقة، حيث أن هذا الأخير لا يعتبر من سكان المنطقة، وبالتالي لا يحق له البناء فوق الأراضي السلالية التي يحتم العرف أن لا يستفيد منها إلا المنتمون إلى مكان تمركزها، فبالأحرى البناء على ملك تابع للدولة. ويقول السكان إنهم وقعوا عريضة استنكارية تطالب بعزل القايد، بسبب تغاضيه الفاضح على ظاهرة البناء العشوائي والاستيلاء على أراضي الأملاك المخزنية والأراضي السلالية، وقد وجهت عريضة حول الموضوع لولاية طنجة.
وحسب الشكاية الموجهة للوالي اليعقوبي، فإن قائد المنطقة وخليفته حضرا إلى عين المكان حيث بنى المقدم منزله غير القانوني، وعوض تدمير البناية فإنهما هددا السكان بسبب توجيه الشكاية إلى الوالي.
وحسب السكان فإن هذا الموقف زاد من جرأة المقدم، الذي قام بصبغ بنايته وتثبيت جهاز “بارابول” فوقها لتبدو وكأنها صارت أمرا واقعا وأنها بنيت منذ مدة طويلة، رغم أن بناءها الداخلي لم يتم، بل قام بإضافة غرفة أخرى لها، في حين كان مصير موقعي العريضة هو الاستدعاءات المتتالية والزج بهم في عدة ملفات يصر السكان على أنها ملفقة.
ويقول السكان إن المقدم يقوم بخروقاته بمباركة خليفة القائد، هذا الأخير الذي أمضى في المنطقة مدة طويلة، وعرفت “الدالية” في عهده عمليات تهريب غير مسبوقة للمخدرات على متن زوارق سريعة، ورغم ذلك ظل محتفظا بمنصبه.
والغريب في الأمر أن المقدم وخليفة القائد بنفسهما قاما قبل مدة وجيزة بهدم بناء صغير أنشاه أحد السكان فوق أرض مملوكة لوالده ليجعله حظيرة لبقراته الأربع، وذلك بحجة أن البناء عشوائي ولم يحصل على ترخيص.
ويبدي سكان الدالية تخوفهم من أن تتحول كل المساحة المجاورة لمنزل القائد المبني فوق أرض مملوكة للدولة، عبارة عن مساكن يستفيد منها أفراد عائلته، الذين قاموا مؤخرا، برجم أحد السكان، لاحتجاجه على قيامهم بالبناء بشكل غير قانوني، وهو ما أشار له السكان في شكايتهم الموجهة للوالي اليعقوبي، حيث تساءلوا كيف يمكن لما أسموه “السيبة” أن تصل إلى هذا الحد في منطقة توجد على مرمى حجر من أوربا وقاطرة للنمو الاقتصادي للمغرب.
عن جريدة “المساء”