ذات يوم قال أبو الطيب المتنبي “كم ذا بمصر من المضحكات… ولكنه ضحك كالبُكا”.

لم تتخلص مصر يوما من ضحكها المبكي أو بكائها المضحك، حتى أيام ثورتها التي لم تكتمل، لكن بعد الانقلاب العسكري، صارت الأمور أكثر غرابة، وأكثر مدعاة للشفقة.. حتى صار الأمن يستدعي الدمية “أبلة فهيتا”، التي ظهرت في إعلان لشركة اتصالات، بعدما اتهمها فنان مغمور بـ”التحريض على الإرهاب”.

المتهمة.. دمية وردية

حديث الساعة في الإعلام المصري مصر منذ أمس الأربعاء فاتح يناير، ليس هو الاحتجاجات المستمرة منذ الانقلاب، ولا القتلى من المحتجين، ولا وصول البلاد رسميا إلى الإفلاس… إنها هو استدعاء دمية وردية اللون إلى التحقيق من طرف النيابة العامة، بعد اتهامها بتمرير رسائل مشفرة تحرض على الإرهاب ضمن فقرة إشهارية لشركة الاتصالات “فودافون”.

وتحركت النيابة العامة بناء على شكاية تقدم بها مطرب مغمور يدعى “أحمد سبايدر”، اتهم فيها الدمية صراحة بتمرير رسائل مشفرة تدعو إلى أعمال إرهابية، من خلال نص الفقرة الإشهارية التي تتحدث عن كفية إعادة تشغيل شريحة هاتف قديمة والاستفادة من ميزاتها.

وأخذت النيابة العامة المصرية هذه الشكاية على محمل الجد، ليصدر النائب العام بلاغا يؤكد فيه أن الوصلة الإشهارية لشركة “فودافون” حملت عبارات “غير معتادة” في الإعلانات التجارية، ليأمر باستدعاء مدير فرع الشركة في مصر للتحقيق معه.

أبلة فهيتا وابنتها

“فاهيتا” الإرهابية

وتضمن البلاغ الذي تقدم به “أحمد سبايدر”، جملة من الاتهامات الغريبة، حيث أورد أن الكلام الذي تردده الدمية هو عبارة عن رسالة مشفرة تدعو إلى القيام بـ”أعمال إرهابية”.

ووضع مقدم البلاغ تفسيره الخاص لكلام الدمية، قائلا إن عبارة “الجو الحار” الواردة في الوصلة الإشهارية تعني الدعوة إلى القيام بتفجيرات وأعمال عنف.

وذهب خيال المشتكي بعيدا، عندما قدم سيناريو للعمل الإرهابي، قائلا إنه سيتم بواسطة قنابل ستوضع في مرآب مركز تجاري، وسيقوم منفذو العملية بـ”إرشاء كلب أمن” حتى يتغاضى عنها.

ولم يتوقف مقدم البلاغ عند ذلك، بل ألصق التخطيط للعملية بالرئيس المنتخب المعزول، محمد مرسي، الذي قال إنه تواصل مع الدمية “عن طريق الحلم”، مضيفا أن عبارات في الإشهار تحمل رسائل مشفرة للمنتظم الدولي للتحرك من أجل إطلاق سراحه.

 

الإعلام يستضيف المتهمة

بشكل مثير للاستغراب، صار الشغل الشاغل للإعلام المصري هو موضوع الدمية أبلة فهيتا واستدعاؤها للتحقيق، بل تجاوز الأمر ذلك إلى استضافتها “شخصيا” واستضافة مقدم البلاغ.

وخصص الإعلامي خيري رمضان، مناظرة بين “طرفي النزاع مدتها 30 دقيقة، عبر برنامج “ممكن” الذي تبثه قناة “سي بي سي” الداعمة للانقلاب العسكري.

وخصصت المناظرة للاستماع إلى وجهة نظر مقدم البلاغ “أحمد سبايدر” الذي كان يقدم برنامج على قناة “الفراعين” يخصصه بشكل شبه كامل لمواضيع “الماسونية” و”المؤامرات العالمية”، كما استضافت أيضا الدمية “أبلة فاهيتا”.

وقال “سبايدر” خلال مداخلته إن العبارات التي رددتها الدمية خلال الوصلة الإشهارية، يتم استقبالها من أطراف أخرى، لتعيد ترتيبها وتصل إلى مضمون رسالة مشفرة تحرض على أعمال إرهابية مرددا بعبارات تهديدية موجهة للدمية “حَسْجِنِكْ”.

من جهتها نفت الدمية أن يكون للإشهار أي خلفيات غير تلك التجارية، منتقدة “قصور فهم” مقدم البلاغ وعدم قدرته على استيعاب مضمون الإعلان بشكل صحيح.

ولقيت الدمية دعما أيضا من طرف الإعلامي الساخر باسم يوسف، الذي كتب على حسابه في “تويتر” “راجعين عشان نجيب حق أبلة فاهيتا”.

وعجت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات وصور تسخر من القضية ومن اهتمامات الإعلام المصري في هذه المرحة الحرجة من تاريخ بلاد النيل، وكأن رواد تلك المواقع أرادوا أن يؤكدوا للمتنبي أن بيته الشعري ينطبق على مصر اليوم أكثر من أي وقت مضى.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version