على الرغم من أن البيانات الرسمية التي أصدرتها الحكومة الإسبانية مؤخرا تؤكد انخفاض معدلات البطالة في البلاد، مما يعنى تحسن الأوضاع الاقتصادية، إلا أن الواقع يقول إن الإسبان ما زالوا يرزحون تحت وطأة آثار أزمة الرهونات العقارية التي ضربت الاقتصاد العالمي في عام 2008 وعصفت بالاقتصاد الإسباني الذي يعتمد بشكل كبير على الاستثمارات العقارية.

وتؤكد البيانات الاقتصادية الصادرة من المعهد القومي للإحصاء في إسبانيا، بالإضافة إلى انخفاض معدلات البطالة في إسبانيا، ارتفاع معدل الاستهلاك ومبيعات السيارات في البلاد، إلا أن هذه الأرقام توضح أيضا أن نسبة المنازل التي تم إخلاؤها لعدم قدرة قاطنيها على دفع الإيجارات ارتفعت في الربع الثالث من عام 2014 بنسبة 13.5% مقارنة بنفس الفترة في 2013.

وفي هذا الإطار، تقول فيرونيكا هيدالجو، 26 عاما، والتى تقطن في أحد المساكن المدعومة من الدولة بحي “فاكلاس” العمالي بمدريد، إن مساحة مسكنها لا تتعدى 46 مترا مربعا، مشيرة إلى أنها تقطن به منذ عامين إلا أن القيمة الإيجارية ارتفعت من 50 يورو إلى 400 يورو شهريا بعدما قامت الحكومة ببيع المساكن إلى إحدى الشركات الخاصة.

وتوضح فيرونيكا، التي لا تعمل ولها طفلان يبلغان الرابعة والثامنة، أن دخلها الشهري من الإعانات الحكومية، لا يتعدى 323 يورو، وأنها ستطرد من مسكنها بحلول 18 فبراير المقبل لعدم قدرتها على سداد الإيجار.

ويبلغ عدد المساكن التي تم طرد سكانها في مدريد أكثر من 3 آلاف وحدة، فيما يواجه قاطنو هذه الوحدات مشاكل لا حصر لها، كما هو الحال بالنسبة لفيرونيكا التي تعلم تماما أنها لا تستطيع الاعتماد إلا على “هدايا الكنيسة” وبعض المساعدة من أمها وطليقها، الذي يعانى هو الآخر من البطالة.

ودفعت هذه الأوضاع جمعية “أوقفوا طرد السكان” إلى عقد اجتماعات أسبوعية مع المهددين بالطرد في حي فاكلاس للبحث عن حلول خاصة بعدما فقدت سيدة تبلغ 85 عاما مسكنها بعدما رهنته حتى يستطيع ابنها الحصول على قرض يبلغ 40 ألف يورو.

وتتوقع الجمعية ارتفاع نسبة نمو الاقتصاد الإسبانى إلى 1.3% من الناتج المحلى الإجمالي، إلا أن العديد من الإسبان مازالوا يعانون من آثار الأزمة الاقتصادية التي أفقدت 25% من القوة العاملة في إسبانيا وظائفهم.

ووفقا للبيانات الرسمية، يتراوح عدد من لا يستطيعون الحصول على مسكن في إسبانيا بين 23 ألفا وأربعين ألفا فقط، فيما يبلغ عدد السكان 44 مليونا، وذلك بفضل قوة الروابط الأسرية التي ما يزال المجتمع الإسبانى يتمسك بها.

ويرى أنطونيو جونزاليس كورديو، عضو البرلمان الإسبانى عن الحزب الاشتراكى بمدريد، والمتخصص في الشأن الحضري، أن الأزمة سببها النقص الشديد في المساكن المدعومة من الدولة، موضحا أن عدد هذه المساكن في مدريد مثلا لا يتعدى واحد بالمائة من إجمالي عدد الوحدات السكنية في العاصمة والبالغ 2.6 مليون وحدة، فيما تبلغ هذه النسبة 30 إلى 40 في المائة في عواصم أخرى كأمستردام وبرلين وفيينا.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version