يبدو أن الحرب على الرشوة التي يقودها مواطنون آخذة في التصاعد، بعدما أصبحت أشرطة الفيديو المنتشرة على الإنترنت تحمل معها بشكل متواصل أخبار سقوط مرتشين في شباك قناصين يملكون “سلاح الكاميرا”.
وبقدر ما تشكل الشرائط الأخيرة على مواقع الإنترنت ضربة موجعة لظاهرة الرشوة، ونهاية دراماتيكية للمسار المهني لرجال شرطة مرتشين، فإنه بدأ يعكس في المقابل مدى الدور الكبير الذي بات يلعبه “سلاح الكاميرا” في محاربة ظاهرة تنخر الإدارة المغربية.
كانت البداية من مدينة طنجة، عندما قام أحد السائقين بتوثيق شريط فيديو يظهر شرطيا في وضعية ارتشاء حسب معد الشريط، في وقت لم تحسم تحقيقات مصالح ولاية أمن طنجة دوافع نشر الفيديو وإمكانية حدوث فبركة بالشريط.
وفي الوقت الذي كانت مصالح الأمن تواصل التحقيق في شريط طنجة، نزل شريط على موقع “يوتوب” العالمي يظهر شرطيين يتسلمان رشوة من أحد السياح الإسبان في مدنية طانطان، في مشهد أثار الكثير من السخرية والأسئلة، بسبب الطريقة المُهينة التي طلب بها الشرطيان المال من السائح الإسباني.
وتَواصل مسلسل فضائح شرائط الرشوة والتشهير بالمرتشين مع نشر واقعة ارتشاء مسوؤل أمني بالدار البيضاء، وشريط آخر بمدينة الصويرة لرجل أمن يتسلم ورقة نقدية من فئة مئة درهم ويقوم بإعادة المبلغ المتبقي للسائق.
وسارعت الإدارة العامة للأمن الوطني إلى إعلان توقيف رجل الشرطة بمدينة الدار البيضاء، ليبلغ عدد رجال الشرطة الموقوفين في ظرف أقل من أسبوعين 15 شرطيا، فيما أحيل أربعة شرطيين على المحاكمة بتهمة الارتشاء، بعد أن تم الاستماع إليهم من طرف الفرقة الإدارية التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني.
وقبل هذه الأشرطة كان قناص يعمل مساعد سائق حافلة قد أسقط 10 من رجال الدرك بمدينة القنيطرة، بعد أن قام بتوثيق عمليات الرشوة بالصوة والصورة، وأنهى بالتالي المسار المهني للدركيين بوسيلة لم تخطر على بال الكثير منهم، بعدما أمرت النيابة العامة بمتابعتهم في حالة اعتقال بتهم الرشوة واستغلال النفوذ.
ويكشف آخر تقرير صادر عن منظمة الشفافية الدولية بتصنيف المغرب في مؤشر الرشوة العالمي في المركز80 من أصل 175 بلدا في العالم، تصنيف يبرز مدى تغلغل الرشوة في الإدارة المغربية.
ويبدو أنه في حال انتقال عدسات التصوير من الطرقات إلى الإدارات العمومية سيكشف فضائح رشوة أكثر خطورة.