إننا اليوم أصبحنا نعيش في كنف دولة الحق والقانون، دولة أصبح انتقالها الديمقراطي يدرس في مجموعة من الدول التي عصفت بها رياح التغيير أو كادت أن تعصف بها. المغرب اليوم أصبح أنموذجا سياسيا تطمح كل الدول إلى اعتماده في برامجها السياسية من أجل التخفيف من حدة الهزات السياسية العنيفة التي أتت على الأخضر واليابس في العديد من بلدان العالم ولاسيما بلدان المغرب العربي. ولكن وقع ما لم يكن في الحسبان في بلدنا المغرب، ففي الوقت الذي أصبح فيه ساستنا يتنافسون فيما بينهم للظفر بفرصة الجلوس على مقعد سياسي يتيح لكل واحد منهم فرصة الإدعاء بأنه هو من أخرج المغرب من عنق الزجاجة – وإن اقتضى الأمر إقبار حكومة جديدة في مهدها – تم إهمال المواطن المغربي أو بالأحرى تم استثناؤه من هذه اللعبة السياسية.

فعوض أن يكون عنصرا فاعلا في هذا الانتقال الديمقراطي أصبح مفعولا به، أو ضحية صراع سياسي ذهب ضحيته أفراد المجتمع المغربي البعيدين كل البعد عن دائرة اهتمامات الساسة وأصحاب القرار في هذا البلد العزيز. إننا اليوم أصبحنا نعيش في قلقل مستمر، وهلع تسرب إلى البيوت والقلوب بسبب موجة الإجرام التي أصبحت علامة مميزة للعديد من المدن المغربية، وهنا أخص بالذكر مدينة طنجة التي ذاقت وتذوق كل أشكال الإجرام، فساكنة هذه المدينة أضحت تعيش على إيقاعات السرقات المتكررة، والقتل والجرح، وسماع كلمات نابية تخدش الحياء، حتى أصبح هذا الأمر اعتياديا، يكاد تسميته “بقهوة الصباح”. فلا يكاد يمر يوم حتى نسمع خبر قتل فلان في هذا الحي وقتل علان في حي آخر، ناهيك عن السرقة الموصوفة المفضية للضرب والجرح ،إلى درجة صارت مسألة قتل الأرواح وسرقة البلاد والعباد واجبا وطنيا وفريضة على كل مغربي ومغربية. وكل هذا يقع في هذه المدينة الوديعة، التي تغنى بها الشعراء ،على مرأى ومسمع أصحاب القرار بهذه المدينة، بما فيهم الجهاز الأمني المسؤول عن استتباب الأمن بمدينة البوغاز.

– عفوا – أصحاب القرار لن نحملهم مسؤولية ما يقع في الأحياء الشعبية لمدينة طنجة من جرائم بشعة تقشعر لها الأبدان عند السماع بها، وتصاب بعقدة نفسية في حالة مشاهدة أطوارها، وهذا لسبب بسيط كون هؤلاء – أصحاب القرار- لا يقطنون بهذه الأحياء الهامشية ولا يشغلون بالهم بمثل هذه التافهات، فهمهم الوحيد هو خدمة مصالحهم الشخصية والصراع حول السلطة. فعلى ذكر رجال الأمن فهم كذلك لم يسلموا من موجة الإجرام التي تفشت في صفوفهم إلى درجة اعتدنا مؤخرا سماع مقتل رجل أمن هنا وهناك.كما أننا نقر مبدئيا بجسامة المهمة الملقاة على عاتقهم ولاسيما في المدن الكبرى كالدار البيضاء وطنجة و فاس….التي كلما اتسعت أطرافها إلا وكثرت معاناة ساكنتها، فنحن نناشد المسؤول الأول عن الأمن الداخلي المغربي بإيجاد حلول ناجعة وسريعة لإيقاف جريان الدم بمدينة طنجة، حتى لا يحتفل سكانها بعيد الأضحى أكثر من مرة في السنة. كما أننا ومن هذا المنبر نناشد كل مؤسسات الدولة بأن تتحرك وبفاعلية لإنقاذ الشباب المغربي الذي أصبح يتخبط في مشاكل لا تتطلب حلولا ترقيعية، وأن تكون لنا جرأة الاعتراف بأن مدينة طنجة أصبحت تعرف جرائم منظمة تستدعي إرادة سياسية للتعامل معها كموضوع الساعة.

 

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version