عاد الوضع الدرامي إلى ميناء طنجة المدينة، بعد هدنة لم تعمر طويلا، إذ تسود فوضى غير مسبوقة بسبب وجود عشرات المنحرفين وباعة المخدرات في مكان يوصف بأنه بوابة المغرب.
وتحول ميناء طنجة المدينة خلال الأشهر الماضية إلى وكر للانحراف، بعد أن غزاه عشرات المنحرفين، الذين يقومون بأشغال حمل البضائع ومساعدة المسافرين، علما أنهم لا يتوفرون على أي صفة قانونية أو مهنية تخول لهم مزاولة هذه الأشغال.
ويأتي هذا الغزو غير المسبوق لميناء طنجة بعد سنوات من المعاناة بين أوساط المئات من العمال المهنيين بالميناء، الذين تم الاستغناء عن أغلبيتهم الساحقة، بحجة أن الميناء في صيغته الجديدة لا يحتمل وجودهم، حيث تم الإبقاء فقط على 35 منهم.
وكان ميناء طنجة يضم قرابة 300 شخص، ما بين مساعدي حمل الأمتعة وكتاب عموميين ومساعدين في مختلف المرافق، قبل أن يقرر الوالي السابق للمدينة، محمد حصاد، الاستغناء عنهم بشكل نهائي، بعد أن بدأت أشغال التهيئة في الميناء، وتم نقل كل أغلب أنشطة المسافرين نحو الميناء الجديد «طنجة المتوسط».
غير أن هؤلاء خاضوا نضالات طويلة وقاسية من أجل عدم تشريدهم، واستطاعوا إيصال معاناتهم إلى الملك محمد السادس سنة 2005، والذي أمر بالإبقاء عليهم في الميناء، حماية لهم ولأسرهم، في الوقت الذي تلقى العشرات منهم تعويضات مادية وانسحبوا، أو انتقلوا للعمل في ميناء طنجة المتوسط، أو حصلوا على رخص نقل بسيطة، حيث تم الإبقاء في النهاية على 35 منهم فقط في ميناء طنجة المدينة، وهم الذين لا يزالون إلى اليوم يزاولون عملهم في الميناء بطريقة قانونية.
وكانت المعاناة التي قاساها هؤلاء دفعت ثلاثة منهم إلى الانتحار، حيث فارقوا الحياة احتجاجا على محاولات تشريدهم.
ويعيش العمال الخمسة والثلاثون، الذين يزاولون عملهم حاليا بميناء المدينة بصفة قانونية، من حالة هجوم غير مسبوقة من طرف عشرات الأشخاص الذين لا يتوفرون على أي صفة قانونية أو مهنية، بينهم عدد كبير من المنحرفين.
ووفق معلومات حصلت عليها «المساء» فإن عددا من هؤلاء المندسين بميناء طنجة يعملون في مجال بيع المخدرات الصلبة، حيث يتحركون في الميناء وهم يحملون كميات كبيرة منها، وعادة ما يبيعونها لمسافرين مدمنين دخلوا المغرب ولا يريدون العناء في البحث عن باعتها في مناطق أخرى من المدينة.
كما تعرض مسافرون للسرقة والاحتيال من طرف من صار يطلق عليهم بـ”المندسين”، بما في ذلك سرقة أمتعتهم وأموالهم، خصوصا وأنهم غالبا ما يوجدون في مناطق يفترض أنها محمية أمنيا.
وكان العمال الخمسة والثلاثون، الذين يزاولون أشغالهم في ميناء طنجة المدينة بصفة قانونية، قد راسلوا من قبل عدة جهات مسؤولة في المدينة، من بينها ولاية طنجة ومفوضية الميناء وقبطانية الميناء وقيادة الميناء، من أجل إشعار المسؤولين بفداحة الوضع الذي وصل إليه هذا الميناء، غير أن شكاواهم ظلت دون رد.
وتحذر شكاية موجهة إلى ولاية طنجة مما أسمته «مؤامرة مدبرة من طرف جهات ما للانقلاب على الأمر الملكي القاضي بحماية العمال الشرعيين بميناء طنجة المدينة»، خصوصا بعد أن أطلق رجل سلطة بالميناء تهديدات صريحة ضد العمال الشرعيين وقال إنه «يتمنى أن يسقط الميناء كله فوق رؤوسهم»، وهي عبارة وصفها هؤلاء بالخطيرة، في الوقت الذي يرى فيه هذا المسؤول عشرات المنحرفين واللصوص وتجار المخدرات يتحركون قرب أنفه دون أن يقوم بأي رد فعل».
عن “المساء”