الطفل الوري عليان كردي

لعلها صورة العام وصورة ألمنا العربي النافق.. صورة تحمل كل الأسى المطلوب لرثاء أمتنا العربية الخذلى.. يبدو الطفل مفعما بحياة أخرى أفضل وأرحم..

حين رأيت الطفل ملقى هكذا على الشاطىء اجتاحتني رغبة لضمه إلى صدري وأخذه إلى عقر بيتي وكأنه واحد من أطفال أهلي وخلاني..

كأنه لم يمت ولن يموت.. الأطفال فعلا لا يموتون نحن الكبار نقتلهم بالجشع والجبروت والقهر.. انظر إلى الصورة عنوة.. كأنه فقط طفل شريد على الشاطىء ضاع من أهله على حين غفلة فأعياه التيه فنام على الماء.. على الشاطىء الذي اصطاف فيه أشهد مرارا كيف تكا د تزهق عقول أمهات بحثا عن طفل ضاع في الزحام…

أتصور أن أما مكلومة تبحث عن فلذة كبدها هكذا اعتباطيا وتجده هكذا وقد لفظه البحر مثل صغير النورس النافق.. لاتبدو على الطفل أي أثار للموت.. كان مسافرا نحو الحياة لاغير حين خطفه ذات هروب نحو الأمل المنشود.. أي أمل يلوح هناك بعيدا عن الدم والدمار..

كم هي رهيبة هذه الصورة.. أن يقذف البحر كل تلك البراءة والنقاء وأن نكون شاهدين على لقطة استثناءية تشعرنا جميعا بالخذلان والعجز التام..

في المقابل ما أروع الصورة في تداعياتها تلك التي تحيلنا على ملاك بحر ينام بسلام وهو في كامل عدته ليحيى في أمان.. لتنتقل صغيري إلى الرحمة الإلهية في سلام.. هناك في الفردوس الأعلى سيكون أجمل وأجمل.. الأرض لا تسعنا بعد.. هي السماء الرحبة التي تظل ملاذا للحياة الأبدية بعيدا عن ظلم البشر وقهرهم.. العدالة هناك فوق تلك التي ستحمي هذا الطفل السوري وأطفالا آخرين تلقفهم المجهول بسبب ويلات العباد الأمارين بالسوء والشر…

لفظ البشر أصبح مهمة البحر الأساسية في مده وجزره.. اختنق البر ولُذنا إلى البحر بحثا عن الأمل.. لكن البحر أيضا ضاق ذرعه بنا لتبقى السماء أرحب.. حيث تلك تلك النهاية المفترضة التي أتي بعد عيش.. إلا أن العيش باأرض أصبح قصيرا جدا لا يغري سوى بهذا الموت الخاطف الذي يمنح في الأعلى بعيدا عن أفق الحياة الأبدية…

كذب كل من قال إننا نحيا الآن.. إننا ميتون بلا قلب حين استأنسنا بأطفال أبرياء تلفظهم الحياة بلا ذنب.. إننا أحياء بلا حياة.. الصورة وصمة عار على جبيننا جميعا تنضاف إلى وصمات البؤس والانحطاط.. تلذي هو عنوان زمننا العربي المشتت ولا حول ولاقوة إلا بالله… سلام على أطفال العالم الذين تسحقهم هيمنة الكبار الطغاة في الأرض.. أي سكان يليقون بالأرض بعد كل هذا الدمار؟ رحمتك يارب.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version