خلال الأيام القليلة الماضية، ضرب المغرب عصفورين بحجر واحد، الأول أنه قام بالتفاتة إنسانية مع المهاجرين الأفارقة الموجودين في المغرب في وضعية صعبة، والثانية أنه نأى بنفسه عن الأحداث الأليمة التي جرت في سبتة، حيث تسبب الحرس المدني الإسباني في غرق 15 مهاجرا إفريقيا.

الالتفاتة الإنسانية تمثلت في تسليم الدفعة الأولى من بطائق الإقامة لمهاجرين أفارقة يبدو أن حلم الهجرة نحو أوربا توقف لديهم نهائيا، فاختاروا المغرب للإقامة الشرعية، ولو بصفة مؤقتة، وهذا شيء ستأخذه في الاعتبار بلدان إفريقية كثيرة.

ويبدو أن طنجة، وهي بمثابة المحطة الأخيرة لآلاف المهاجرين الأفارقة الذين يريدون “القفز” فوق مضيق جبل طارق للوصول إلى أوربا، كانت المدينة الأهم التي يتم فيها تسليم بطائق الإقامة للمهاجرين الأفارقة، حيث أشرف الوالي محمد اليعقوبي شخصيا على ذلك، رفقة والي الأمن وفعاليات حقوقية ومنتخبة.

تسوية وضعية، ولو جزء من المهاجرين الأفارقة في طنجة، ستساهم في إعطاء الانطباع بأن طنجة ليست مجرد مدينة لاستقطاب المهاجرين السريين الذين تغريهم شبكات التهجير بأنها مدينة على مرمى حجر من أوربا، بل هي أيضا مدينة لكي يحقق فيها الناس طموحاتهم وأحلامهم، فإذا كانت المدينة مفتوحة أمام باقي المغاربة والأوربيين وغيرهم، فلماذا لا يحظى الأفارقة بنفس الامتياز؟

تسوية وضعية المهاجرين الأفارقة في طنجة جاءت أيضا في وقت تعيش فيه إسبانيا وضعا غاية في الإحراج بعد مقتل 15 مهاجرا إفريقيا غرقا في سواحل سبتة خلال محاولتهم التسلل سباحة إلى المدينة.

ما جرى في سبتة ألقى بظلاله على كامل إسبانيا، حيث تطالب المعارضة من الحكومة الإسبانية بتقديم كامل المعطيات والمعلومات حول هذه الكارثة الإنسانية، التي يوجد في قلبها أفراد الحرس المدني الإسباني الذين أطلقوا الغازات والرصاص المطاطي على المهاجرين الأفارقة.

هكذا عاشت طنجة وضعا مناقضا تماما لسبتة، ففي طنجة تسلم مهاجرون أفارقة بطائق إقامتهم، وفي سبتة تسلموا بطائق قبورهم.

المغرب إذن يحقق نصرا دبلوماسيا، لكن السؤال الملح هو هل يحافظ عليه، والسؤال الأكثر إلحاحا هو هل يستثمره؟

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version