في إطار فعاليات الدورة15 للمهرجان الوطني للفيلم بمدينة طنجة، تم عقد ندوة/لقاءمهنيا موسعا، تحت رئاسة المركز السينمائي المغربي، في شخص مديره السيد نورالدين الصايل، ومجموعة من الفعاليات المهنية الفاعلة في المشهد السينمائي المغربي، لقاء تميز بكونه أتى في ظل ما يعرفه المغرب من تحولات هامة على مستوى الدفع بالسينما المغربية نحو مراتب مهمة، من أجل هذا وفي ظل المناظرة الوطنية السابقة، حول السينما المغربية، التي تميزت بتوجيه رسالة ملكية سامية في الموضوع، تم قراءتها وفهمها وتحليلها من طرف جميع المهتمين، على أساس أنها رغبة قوية من أعلى سلطة بالبلاد، في تطوير الحقل السينمائي بالمغرب، لاسيما وأن الدولة المغربية قد قامت بمجهودات كمية وكيفية، على مستوى دعم الإنتاج السينمائي المغربي بكل مكوناته. لقاء مهني امتد على ساعات طوال، أدلى الجميع بدلوه في المجال وبكل حرية ومهنية، كانت الغاية منه طرح وتبادل وتقاسم مجموعة من الآراء المهنية في أفق دعم خلاصات وتوجهات الكتاب الأبيض، حتى يتمكن المغرب من تطوير ترسانته القانونية السينمائية الخاصة بالثلاثية السينمائية المعروفة وهي، (الإنتاج والتوزيع والاستغلال).
ما نفهمه هنا هو كون كل المكونات المهتمة والمسيرة لسؤال السينما المغربية ببلادنا، هي اليوم تسابق الزمن وعيا منها بمدى ما يجري اليوم في هذه القفزة النوعية للتكنولوجيا. تم الاطلاع هنا على تجربة العديد من الدول الأوروربية والأمريكية والأسيوية، العرض الذي قدمه محمد كمال ملين بطريقة مهنية عالية جدا، عرض استخلص منه الجميع بمدى ضرورة تطوير الترسانة القانونية الخاصة بالسينما المغربية، بما فيها القانون المؤطر للمركز السينمائي المغربي، باعتباره رأس القافلة المسيرة والمنظمة للعلاقات المهنية في هذا المجال، والذي يعود تاريخ تأسيسه إلى سنة 1944.
إن المتأمل لكل المرجعيات القانونية التي قدمت خلال هذا العرض، من شأنه أن يستخلص سرعة ضرورة تسريع وتحديث القوانين السينمائية المغربية، إسوة بما يجري في العالم، ونظرا لما يقع من تبدلات وتحولات مهنية رقمية سريعة ومذهلة، وهذا يفرض ضرورة إبقاء كافة هذه النصوص القانونية في حالة تحديث دائم، مجاراة لهذه الثورة الرقمية السريعة.
صحيح أن السينما المغربية اليوم، قد قطعت شوطا مهما، بالمقارنة مع ما كان الأمس، لاسيما وهي تثير اليوم العديد من الفئات العمرية والمهنية، سواء على مستوى التلقي أو على مستوى الإنتاج الخ، أكاد اجزم بأنها اليوم مجال “سحب” البساط من تحت أقدام أجناس تعبيرية أخرى، صحيح الرابح الأول والأخير هو الوطن، باعتباره وطن مؤمن بقوة وجمالية الصورة كأداة لها ديبلوماستها، القائلة بأننا بلد محب “للسوليما” مثل ما كنا ننطقها في بوادينا المغربية، بلد لا يحرم الفنون، بل هي اليوم أداة لتقوية صورتنا وتعايشنا ومحاربة كل لغات العنف والتطرف. لقد ربح المغرب جزءا من رهان سينماه، وأجزاء أخرى لا زالت تنتظر العديد من الجهود، لاسيما القاعات السينمائية وتقوية الترساتة القانونية وما تنهض عليه من تكوين ومهنية وتنظيم للعلاقات الإنتاجية والتوزيعية والاستغلالية والنقدية والمهرجاناتية الخ. هذا هو هاجس الكتاب الأبيض، والرغبة القوية لوطن بكامله بأن تصبح السينما، مجال خصب للاستثمار وجلب العملة الصعبة أكثر مما هي عليه اليوم، بل ومساحة كبيرة لكي نفكر من خلالها بقضايانا الصغيرة والكبيرة، في وطن يتسع للجميع من طنجة إلى لكويرة.