طنجة أنتر:
الناس يتحدثون اليوم عن انتخابات سابقة لأوانها في المغرب العام المقبل، وكثيرون بدؤوا حملتهم الانتخابية المبكرة حتى قبل أن يتأكد الخبر.
في طنجة أحزاب كثيرة خرجت من الانتخابات الماضية بصفر درهم، ولم تحصل على مقاطعة واحدة، بينما هيمن حزب المصباح على المقاطعات الأربع، وها هو هذا الحزب نفسه يجلس اليوم مثل “نوّاحة” يبكي على مدينة لا يعرف ما يفعل بها ويشتكي من الاستهداف.
هل جاء حزب العدالة والتنمية من المريخ حتى يقول إنه مستهدف..!! هو حزب يعرف أصول اللعبة السياسية وتفاصيلها، وقبِل بها وشجع الناس على المشاركة في الانتخابات ووعدهم بكل شيء، وفي النهاية يشتكي من هذه اللعبة نفسها التي روّج لها.
أحسن ما يتقنه حزب المصباح هو خطاب المظلومية. وعندما وصل “الزعيم السابق” إلياس العماري إلى رئاسة حزب التراكتور أطلق “الزعيم السابق” للمصباح، عبد الإله بنكيران، عباراته الشهيرة قائلا “الآن لن أكون مضطرا للقيام بحملتي الانتخابية”..! ! وفعلا حدث ما توقعه بنكيران.. فالبيجيدي يستخدم المظلومية كأنها قنبلة نووية.
في طنجة يكاد يحدث الشيء نفسه. الوالي يعقوبي طالب العمدة العبدلاوي بتعديلات في الميزانية فانفجر خطاب المظلومية. والمحاكم أصدرت أحكاما لفائدة عدد من المواطنين ضد الجماعة فكاد قلب طنجة يتوقف عن النبض. “البيجيدي” مثل ذلك الطائر الذي لا يمكنه أن يحلق في الهواء من دون رياح معاكسة.. بحيث لا يحتاج حتى إلى تحريك جناحيه، فالرياح المعاكسة تتكفل بكل شيء.. والرياح المعاكسة للبيجيدي هي خطاب المظلومية.
في آخر ميزانية رفضها الوالي كانت هناك اقتراحات موجهة للعمدة بضبط أمور مثل وقف نزيف السيارات المستأجرة في المقاطعات، التي التهمت حتى الآن أكثر من نصف مليار سنتيم، وضرورة ترشيد النفقات واستغلال الميزانية في أمور أهم، على رأسها قطاع النظافة، وهذه اقتراحات لا يرفضها عاقل.
لكن عوض الانضباط للواقع روّج “المصباح” لخطاب الاستهداف، وهذا الخطاب يتطلب الكثير من الدموع والتباكي.
وقبل بضعة أسابيع تساءل مستشارون بمجلس المدينة عن رحلة قام بها العمدة العبدلاوي إلى إسبانيا، وظهر مع الوفد الرسمي شخص غريب لا علاقة له لا بالمجلس ولا بالحزب ولا بالصحافة، وعندما سألوا العمدة عن ذلك الشخص وكيف سافر إلى إسبانيا على حساب المال العام وبأية صفة، أجاب العمدة قائلا “إنه صديقي”..!! هذا هو منطق المظلومية.. منطق حرام عليكم.. حلال علينا.. وتبذير المال العام حرام عندما يبذره الآخرون، وحلال عندما يبذره البيجيدي.
إنه نفس منطق بنكيران حين كان يدعم الزيادة في الأسعار، وعلى رأسها أسعار المحروقات، وبعدها يقول إنه فعل ذلك من أجل مصلحة المغاربة، ثم يأتي حزبه بعد ذلك لكي يركب على الاحتجاجات والمقاطعة.
كان حريّا بعمدة طنجة أن يجلس أمام الناس ويشرح لهم التفاصيل، وأن يتوقف عن السير على جميع الحبال، وأن يتوقف عن الاعتماد على المحتالين والنصابين وأصحاب السوابق للدفاع عنه .. وأشياء أخرى.
وسنعود إلى كواليس ما يجري لاحقا.