طنجة أنتر:
منذ وقت طويل لم يحدث أن تحول الشمال إلى محج حقيقي لسكان مختلف المدن المغربية، وهي الظاهرة التي أثرت على كل شيء، بما في ذلك الارتفاع المهول لأسعار المساكن القريبة من البحر، والتي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة.
وبالموازاة مع الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، فإن درجات حرارة الاستهلاك والاصطياف وصلت بدورها نسبا غير مسبوقة، وتحول المغرب، الذي تزيد مساحة شواطئه عن 3 آلاف كيلومتر، إلى بلد يبدو محروما من البحر، أو كأن شواطئه تعد على رؤوس الأصابع، بسبب ازدحام الناس في مناطق معينة دون غيرها.
ولا يبدو أن المغاربة صاروا يعترفون بشواطئ أخرى غير شواطئ الشمال، فقد أضحت تشكل هوسا كبيرا، ومن لم يسافر إلى الشمال صيفا فكأنه اقترف إثما عظيما، بينما الإثم الحقيقي هو أن يتجمع كل هؤلاء البشر في شواطئ معدودة وكأنهم في سوق أسبوعي، بينما شواطئ المغرب الرائعة تمتد من السعيدية إلى الكويرة.
ويبدو أن المغاربة صاروا محتاجين لنشر ثقافة اصطياف مختلفة، تجعلهم يدركون أن الاصطياف الحقيقي ليس تزاحم الأجساد والمظلات على الشواطئ والصراع على أماكن السيارات والتهام أي شيء وهدر مقيت للمياه وملء المكان بالأزبال والقاذورات.. وأشياء كثيرة أخرى. الاصطياف الحقيقي هو راحة النفس أولا والبدن ثانيا ومنح العقل فرصة جميلة للهدوء والتأمل واكتشاف الأمكنة، وكل هذا لا يمكن العثور عليه وسط هذا الزحام.
السؤال الكبير الذي يطرح نفسه أمام هذه المشاهد هو: أي نوع من الشعوب نحن..؟