كشفت إحصاءات سكانية في إسبانيا عن تضاعف أعداد المهاجرين الصينيين بالبلاد منذ سنة 2004 أكثر من ثلاث مرات، حيث فاق عدد الجالية الصينية حسب المعهد الوطني للإحصاء 185 ألف مهاجر، في حين لم يكن عددهم يتجاوز في 2004 الستين ألف فرد.

وتحتل الجالية الصينية في إسبانيا بهذه الأرقام المركز الخامس من حيث الحجم، خلف كل من الجاليات الرومانية، المغربية، البريطانية، والإكوادورية.

وعكس المؤشرات العامة، فإن هجرة الصينيين إلى إسبانيا لا تزال في تصاعد، عكس ما هو حاصل مع المهاجرين من بلدان أخرى، فقد سجل نهاية سنة 2013 مغادرة حوالي 80.000 ألف مهاجر للأراضي الإسبانية، بسبب ضغط الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، وتدهور سوق العمل.

وبدا تأثير الأزمة الاقتصادية واضحا على البنية الديموغرافية للبلاد، بعد تسجيل انخفاض في ساكنة البلاد لأول مرة منذ 1971، حيث تقلص عدد الساكنة في سنة 2013 بأكثر من 310 آلاف نسمة، عكس الجالية الصينية التي تتزايد أعدادها يوما بعد يوم، فيما يشبه “الغزو الصامت”، حسب وصف وسائل الإعلام الإسبانية.

ويرى الصينيون في إسبانيا أرض الفرص الضائعة، ليس بالنسبة لطبقة العمال فقطى بل أيضا لرؤوس الأموال الصينية، حيث لم ينقذ قطاع العقار، أكبر المتضررين من الأزمة الاقتصادية، إلا أموال المستثمرين الآسيويين وعلى رأسهم الصينيون، بل تعدى الأمر ذلك  إلى الاستثمار في القطاع الصناعي.

ولا يكتفي المهاجرون الصينيون في إسبانيا بالحصول على العمل والاندماج في المجتمع الإسباني على غرار باقي الجاليات الأخرى، بل يشكلون مجتمعاتهم الخاصة أو المجهرية، من خلال “استيطان” أحياء بعينها، يتم تحويل أسماءها بحكم الأمر الواقع إلى “الحي الصيني”.

هذه المجتمعات الصغيرة تنمو فيها المشروعات الصغيرة من خلال تجارة السلع الصينية، بالإضافة إلى المطاعم والمقاهي التي لا تقدم إلا الوجبات والمشاريب الصينية، كما أنهم يتجهون إلى القطاع السياحي، من خلال الاستثمار في مرافق الترفيه والسياحة.

ويبرر الصينيون القاطنون بإسبانيا تزايد أعدادهم، رغم الأزمة الاقتصادية التي تعصف ببلاد الفلامينكو، بأنهم مجتمع قادر على النجاح في أي بيئة، وأيضا لصعوبة العيش في الصين التي تعرف قمعا شديدا للحريات والإبداع.

ويفسر خبير في علم الاجتماع بإسبانيا نمو حجم الجالية الصينية في الوقت الذي تشهد فيه البلاد هجرة معاكسة للمهاجرين الأجانب، بالقدرة الكبيرة للصينيين على التأقلم، من خلال مجتمعاتهم الصغيرة، وارتفاع منسوب قيم التكافل والتضامن فيما بينهم.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version