كرة القدم يجب أن تبقى نظيفة، نقية، ممتعة، مطمئنة وراقية. لكن عندما تتحول إلى وسيلة لتلويث العين والمبادئ والأخلاق فإنها تصبح مبعث خوف.

مرة كان المنتخب الصربي يلعب مباراة ودية ضد منتخب نيوزلندا، فدخل الملعب متفرج معتوه، أو ممن يتظاهر بالعته، ونزع سرواله وقام بحركة بذيئة، وبذلك تحولت مباراة نقية لكرة القدم إلى مباراة ملوثة، وأحس الآباء وهم يجلسون إلى جانب أبنائهم أن الكرة لم تعد كما كانت من قبل، وأنها صارت أيضا مخيفة، ولا فرق بينها وبين “كليبات” إليسا ونانسي وميريام فارس وباقي مغنيات منتصف الليل.

وفي مباراة جمعت إيطاليا ونيوزلندا، وبمجرد انتهاء المباراة بالتعادل، انتقلت الكاميرات لمتفرجات شبه عاريات يرقصن فرحا في المدرجات.

في مباريات أخرى، حدثت أشياء مشابهة. وفي مرات كثيرة دخلت الملاعب نساء عاريات تماما، سواء من أجل حب الظهور أمام وسائل الإعلام، أو كوسيلة احتجاج سياسية أو اجتماعية.

وفي مباراة بإحدى منافسات المونديال، كانت الكاميرا تنقل لقطات لمتفجرين على المدرجات، وفجأة ظهر على الشاشة أوروبي عجوز وهو يقبّل بحرارة مراهقا أسمر، بحيث فهم الجميع أن الأمر يتعلق بعلاقة حميمية شاذة بين العجوز والمراهق. ومرة، بمجرد أن أحست متفرجة أن الكاميرا مصوبة نحوها، حتى بادرت بسرعة إلى رفع قميصها للكشف عن ممتلكاتها.

ربما يبدو ذلك طبيعيا في المجتمعات الأوروبية التي أصبحت تشرّع لزواج الشواذ أو تعتبر تعري متفرجين ومتفرجات في الملاعب شيئا مألوفا. لكن ما ذنب الشعوب والمجتمعات المحافظة حتى تنتقل تلك اللقطات المزعجة إلى داخل بيوتها وتتحول الجلسات الهادئة للأسر حول مباريات للكرة إلى جلسات للخجل واحمرار الخدود؟

الاتحاد الدولي لكرة القدم الذي يعتبر كرة القدم “ديانة” كونية، يجب أن يفكر مليا في حماية عشاق الكرة في مختلف القارات والبلدان من حماقات أشخاص معتوهين يحولون متعة الرياضة إلى بذاءة.

في الماضي، كانت مباريات الكرة، أو باقي المنافسات الرياضية، مناسبة لكي يرفع فيها أشخاص كثيرون شعارات سياسية ولافتات واضحة بمطالب معينة. وفي الليغا الإسبانية مثلا هناك دائما حضور للسياسة في المباريات، وهناك أعلام بلاد الباسك المطالبة بالاستقلال. وفي باقي بلدان العالم تختلط الكثير من الشعارات السياسية بالتشجيعات الرياضية، لكن ذلك لا يخدش جمالية المباريات، بل يعطي إحساسا رائعا بنضج الجماهير.

اليوم بدأت الأشياء تختلف، وصارت مباريات الكرة، التي تدخل كل البيوت وتشاهدها كل الأسر، مثار جدل بسبب متفرجين غربيين يحاولون استغلال الكرة لكي يفرضوا نمطهم في الحياة على الآخرين، وهذا شيء غير منطقي تماما. وإذا كانت “الفيفا” تحمي اللاعبين والحكام والمدربين وتسن القوانين من أجل ذلك، فعليها أن تفعل شيئا من أجل أن تحمي المتفرجين أيضا.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version