محمد الطيبي، أو خيسوس ماريا ديلا أوليفا.. اسمان لشخص واحد قد لا تتكرر قصة حياته الفريدة مع أي شخص آخر، فالطفل الذي ولد في أربعينيات القرن الماضي بإحدى القرى الجبلية بمنطقة العرائش، سيجد نفسه وسط مغامرة تتلوها مغامرات، مؤلمة في أغلب الأحيان، ومضحكة في مناسبات قليلة، أما في مرات أخرى، فيصر صاحبها على تحويل مبكياتها إلى مضحكات..

حياة قاسية قضاها الطيبي منتقلا بين القرى الجبيلة، باحثا عن حنان لم يكد يعرفه يوما بعدما انفصل والداه مبكرا، ليدخل مرحلة توهان عاطفي اقتادته إلى حضن أسرة إسبانية، لتتدخل يوما ما يد “مخزنية” قاسية، ستزيد من الأمر تعقيدا وسترمي به دون أن يدري إلى الكنيسة وعوالم التنصير.. هي رحلة طويلة وغريبة لهذا الشخص وسط عالم المسيحية، والأغرب منها إصراره على أنه كان “راهبا مسلما”.

لكنه ما كاد يخرج من هاته المغامرة حتى دخل في مغامرة لا تقل غموضا، عندما انضم إلى الجيشين الإسباني والمغربي، وبينهما سيقوده حظه الغريب إلى وحشة المعتقل السري ورعب انقلاب الصخيرات، ملتقيا بأسماء لطالما تحدث عنها التاريخ الأمني والعسكري للمغرب، غير جازم في أي خانة تصنف…

الحلقة الثلاثون والأخيرة:

بعد أن استقرت حياتك أردت أن يتعرف الناس على قصتك، لماذا؟

في البداية لم أكن أعطي أي أعتبار لقصتي، لكن بعض الأشخاص الذين تعرفوا على أجزاء منها، نبهوني إلى أهميتها، خاصة أنها تطرح أسئلة كثيرة، في مقدمتها سؤال لم يجد له كثيرون جوابا، خاصة المسيحيون، فكيف أعود للإسلام بعدما أساء أهل بلدي معاملتي فيما أنقذني النصارى من براثين التشرد واحتضنوني؟ فأردت أن يعرف الجميع الجواب، وهو أن القرآن الكريم الذي حفظت أجزاء منه في طفولتي أنار بصيرتي، وجعلني أتعرف على الإسلام الحقيقي، الذي لا يختزل في بعض الأفراد، إنه دين أكبر وأعظم من ذلك، كله رحمة وإحسان.

أنت أيضا شرعت في تعلم الكتابة والحديث بالعربية، لماذا؟

نعم، بدأت أتعلم اللغة العربية الفصحى عبر الأنترنيت، لأعرف الناس على قصتي عبر العالم، وأيضا لأدحض مزاعم المنصرين، فانا أعلم بحقيقة المسيحية وعظمة الإسلام.

أحاول أيضا ان أنمي معجمي اللغوي بالتقاط الكلمات وفهمها عبر شرحها لي من طرف زوجتي، ولا بد أشير إلى أن القنوات التلفزيونية المغربية لا تساعد على هذا إطلاقا، فعندما أتابع برنامجا، خاصة في القناة الثانية، ألاحظ أن المتدخلين يستعملون عبارات فرنسية في برامج ناطقة بالعربية، وهذا يشعرني بالاشمئزاز، فنحن مغاربة ومن حقنا أن نتابع برامج بالعربية.

أيضا ساعدتك زوجتك في كتابة قصة حياتك، حدثنا عنها.

إنه كتاب “دموع جافة”، كتبته زوجتي فاطمة الوكيلي، وهو يتحدث عن حياتي من الطفولة إلى حين خروجي من الجيش المغربي، وقد وضعت له ثمنا بسيطا حتى يتسنى للجميع الاطلاع على قصتي، بل إن جل النسخ وزعتها مجانا، عدد كبير منها بعثت به لكتاب ومخرجين سنمائيين وعلماء دين وأساتذة جامعيين وإعلاميين، وسافرت إلى الدار البيضاء لأطلع بعضهم على قصتي، وكنت مصرا على أني لا أريد من ذلك شهرة ولا مالا، بل فقط التعريف بقصة مغربي رمى به القهر في احضان الكنيسة، ليعتبر منها آخرون، حتى ولو لم يذكر اسمي..

هل كان لمحاولاتك مع الإعلام أية نتيجة؟

قليلون من اهتموا بقصتي وأشكرهم طبعا على ذلك، وأول منبر كان إذاعة طنجة، واذكر أن مدير الإذاعة قال لي إنه ليس في مقدور محطته دفع تعويض لي، وأنا أخبرته أن هدفي لم يكن إطلاقا المال، ثم أتى موقع الإصلاح التابع لحركة التوحيد والإصلاح، الذي بدوره نشر تقريرا عن قصتي، وبعض المواقع الإليكترونية كما جاء اهتمام جريدة “المساء” مشكورة، التي أفردت له لقصتي المساحة الأكبر.
ما هو هدفك الأساس من نشر قصتك؟

إنها رسالة مباشرة للمسؤولين الحكوميين في بلدنا، للاهتمام بالأطفال الفقراء والمتشردين، حتى لا تقودهم الظروف الصعبة لعوالم تهدد عقيدتهم وحياتهم.

قصتك لقيت اهتماما من أقطار أخرى أليس كذلك؟

نعم فقد كانت هاته مفاجأة سارة، حيث وجدت منابر إعلامية مصرية وتركية وسعودية تهتم بقصتي وتنشرها.

هل تفكر الآن في العودة للاستقرار بالمغرب؟

المغرب تغير كثيرا، صار كل الناس يلهثون وراء لقمة العيش، لقد تغير ظروف الحياة وأنا أيضا صارت لي زوجة وأبناء حياتي مرتبطة بهم، علي أن آخذ كل ذلك في عين الاعتبار قبل أن اقرر العودة نهائيا، لكنني كلما زرت المغرب شعرت برغبة شديدة في البقاء به.

هل تعلم أبناءك العربية؟

نعم، قدر المستطاع، ولو أنه يصعب عليهم الحديث بغير الإسبانية، لكنني أصررت على تعليم ابني البكر آيات من القرآن، ولاحظت أن نطقه للعربية تحسن جدا بفضل ذلك، لقد قضيت معه أسبوعين ليحفظ سورة “قل يا أيها الكافرون”، التي يصعب على أشخاص كبار ألا يخطؤوا في ترتيب آياتها، وبفضل الله تمكن من ذلك.

وهذه السورة تحديدا، جعلتني أشرح لابني كيف أن الإسلام لا يقصي أهل الديانات الأخرى فـ”لكم دينكم ولي دين”، وهذا يجعله يؤمن بالإسلام عن اقتناع.

كيف يكون رد فعل الأشخاص الذين يسمعون قصتك؟

أجد أن كل الناس يتعاطفون مع قصتي، ما عدا الجهات الرسمية، وأتذكر أن أحد المعلقين على الفيديو الذي نشر في “اليوتوب” بصوتي، علق قائلا “لماذا لا تقوم وزارة الأوقاف بتوظيف هذا الشخص لتواجه التنصير”، وأنا أقول إني مستعد لأقوم بذلك مجانا، مع أي جهة كانت، فقط تكون نيتها محاربة التنصير أو استغلال الأطفال.

شاركها.

لا توجد تعليقات

  1. محمد الطيبي on

    بسم الله الرحمان الرحيم
    الحمد الله الذي نبهني الى طريق الحاق ,
    اشكر شبكة طنجة أنتر و عيد مبرك سعيد
    و السلام عليكم

  2. محمدجمال الدين on

    تجربةصعبةأخي محمدالطيبي والحمدلله أن هداك لتعودللاسلام حتى لاتخسرالدنياوالاخرةوربنايختم لنابالايمان

اترك تعليقاً

Exit mobile version