الصورة النمطية عن القرويات الجبليات في طنجة ونواحيها هي التي نراها في الصورة تماما. قرويات خجولات يخفين وجوههن بالكامل خلف شاشياتهن الكبيرة. إنها شواشي تصلح لأشياء كثيرة، منها اتقاء حر الشمس واستعمالها كحجاب لستر الرأس، وأيضا كطاقية إخفاء ضد عدسات المصورون وعيون الفضوليين.

على مدى قرون كان وجود القرويات بلباسهن التقليدي في طنجة شيئا مألوفا. كن يوجدن في كل أسواق طنجة بزيهن الموحد الذي ظل دوما مبعث فخر بنقاوتهن وأمانتهن ونظافة أيديهن، وأيضا بتاريخهن الطويل منذ نزوح أجدادهن من الأندلس واستقرارهم في شمال المغرب على الخصوص.

لكن اليوم بدأت الأشياء تتغير، فاللبن والبيض والنعناع والقصبور والمعدنوس والجبن والأشياء الأخرى التي تنتجها أرض جْبالة في نواحي طنجة، كلها أشياء تسير إلى زوال شيئا فشيئا. لقد صار سكان القرى المجاورة لطنجة يفضلون النزوح إلى طنجة والمساهمة في صنع حزام البؤس حول المدينة عوض القناعة بما تجود عليهم الأرض وما يقسمه لهم القدر.

هذه الصورة لقرويات يبعن البيض واللبن والجبن البلدي لن نراها إلى الأبد. وخلال السنوات القليلة المقبلة سنعثر على هذه المشاهد في الصور القديمة فقط، تماما كما نرى اليوم صورا من الماضي لطنجة الدولية أيام عزها وقبل التحاقها بمغرب النهب والتخلف.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version