على حدود غزة، كان جنود إسرائيليون يوجهون مدافعهم نحو حي سكني مليء بالمدنيين. إنهم يدخنون ويضحكون ويتراهنون على إصابة الهدف. وحين تسقط القنبلة بالتمام على أحياء سكنية وتفجرها بالكامل، يهتفون فرحا ويصرخون كأن فريقهم المفضل سجل هدفا رائعا.

في أفغانستان، وخلال الهجمات التي ينفذها الجيش الأمريكي على قواعد أعدائه، يتبارى الطيارون الأمريكان على من يقصف أهدافه بدقة أفضل. هم عادة لا يعرفون مواقع أعدائهم، لكنهم يقصفون أي شيء، وعادة ما يقصفون تجمعات سكنية تكون إما أعراسا أو مناسبات اجتماعية، وفي حالات أخرى تكون جنائز لضحايا قتلتهم من قبل القوات الأمريكية. عندما يقصف الطيارون الأمريكيون مناطق سكنية بدقة كبيرة وتطير أشلاء النساء والأطفال في الهواء، يصرخون ويهتفون فرحا ويتواعدون، وهم في الجو، على كؤوس جعة ونبيد عندما يحطون على الأرض.

في غزة الفلسطينية، يأخذ القناصة الإسرائيليون أماكنهم فوق أسطح المباني ويبدؤون في الإعداد لحفلة قنص كما لو أنهم عشاق القنص الرياضي قد خرجوا في نزهة في غابة لقنص الحجل والأرانب وباقي الوحيش.

في أفغانستان يجتمع القناصة الأمريكيون على حدود قلاعهم الحصينة في أعالي الجبال ويبدؤون لعبة القنص. الجنود الأمريكيون عادة ما يفضلون هذه اللعبة عبر مراهنات مفيدة، أحيانا يراهنون على قنينة جعة، وتارة أخرى يراهنون على سيجارة واحدة. يراهن الجندي الأمريكي على قنص راع بعيد جدا يجلس قرب قطيع الغنم. يعرف الجندي أن الراعي ليس مقاتلا ولا يشكل أدنى خطر، لكن قتله يساوي جعة أو سيجارة. يصوب جيدا ثم يطلق رصاصته التي لا تتأخر أبدا في اختراق جمجمة الراعي البعيد. يصرخ القناص الأمريكي فرحا وينال الجعة أو السيجارة. يتجرعها بلذة عجيبة ويعيدون اللعبة التي قد تكون في حق طفل يلعب أو امرأة تبحث عن ماء.

في غزة يظهر جندي إسرائيلي وهو يقفز فرحا ويلوح أصابعه كأنه يعد شيئا ما. إيهتف فرحا ويقول إنه استطاع قتل ثلاثة عشر طفلا فلسطينيا. رفاقه في جيش إسرائيل يهنئونه ويضحكون، بينما هو يبدو سعيدا بهذا الإنجاز الذي لم يسبقه إليه إنس ولا جان.

في العراق، يعد الجنود الأمريكيون قنابل خاصة لكي يُصفّوا بها العراقيين صباح يوم العيد. هذه القنابل الضخمة جاءت من قواعد أمريكية خاصة، قواعد زارها أطفال أمريكيون وكتبوا على تلك القنابل عبارات سادية مقيتة مثل “عيد سعيد لأطفال العراق” أو “تحية من أطفال أمريكا لأطفال بغداد”. من لا يصدق هذا فعليه فقط أن يعود إلى أرشيف الغزو الأمريكي للعراق وسيجد ما هو أغرب. الطائرات الأمريكية تحمل هذه القنابل “المُهداة” وتقصف بها أحياء سكنية ومدارس ومستشفيات في قلب بغداد وباقي مدن العراق.

الإسرائيليون قتلوا في غزة، حتى الآن، أزيد من 500 طفل فلسطيني في بضعة أيام من الغزو، والأمريكيون يرسلون أبناءهم لكي يكتبوا عبارات “تهاني الموت” على القنابل التي ستسقط فوق رؤوس الأطفال العراقيين. إسرائيل تقتل الكثير من الأطفال لأنها تخاف منهم في المستقبل وتريد القضاء عليهم الآن، وأمريكا تُعدّ أطفالها لكي يحكموا العالم بنفس منطق السادية الذي يحكم به الساسة الأمريكيون العالم حاليا.

في غزة الفلسطينية يموت الصحافيون لأنهم الهدف المفضل لإسرائيل التي لا تريد أن يشهد العالم على جرائمها، وحتى لو شهد العالم كلها جرائمها المقيتة فلن يحدث شيء لأنها فوق كل القوانين البشرية والسماوية. وفي كل الأمكنة التي يغزوها الأمريكيون يموت أيضا الكثير من الصحافيين لأن أمريكا لا تريد أن تنكشف جرائمها للعالم، وحتى لو انكشفت فلن يحدث شيء لأن أمريكا فوق كل القوانين البشرية والسماوية.

في السجون الإسرائيلية يمارس الإسرائيليون وسائل تعذيب غير مسبوقة في حق الفلسطينيين، بحيث تسجن حتى الأطفال والنساء الحوامل. وفي السجون الأمريكية يمارس الأمريكيون وسائل تعذيب غير مسبوقة في حق أسراهم، والعالم كله رأى ما حدث في سجن “أبو غريب” في بغداد، والعالم لا زال يرى ما يحدث في معتقل غوانتنامو الأمريكي.

أوجه التشابه بين أمريكا وإسرائيل ليست من الحاضر فقط، بل هو تشابه غارق في بطن التاريخ. أمريكا وُلدت على أرض ليست لها، أرض مملوكة لشعبها الأصلي، الهنود الحمر، الذين تمت إبادتهم، وبعد إبادتهم تم تصويرهم كشعب متوحش وهمجي ويريد القضاء على الحضارة الأمريكية التي جاءت له بالخير العميم. هكذا نشأت أمريكا عبر مجتمع من القادمين من كل مكان، من أوربا وآسيا ومناطق كثيرة من العالم، وكلهم اعتبروا أنفسهم أصحاب الأرض الأصليين، بينما ذهب الهنود الحمر إلى فراغ التاريخ.

إسرائيل طبقت نفس الخطة الأمريكية في فلسطين، والفارق الوحيد هو أن الهنود الحمر انهزموا، بينما الفلسطينيون لا زالوا يقاومون.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version