تعيش طنجة هذه الأيام على إيقاع حلم كبير، حلم أن تكبر وتصير ندا للمدن الكبرى، لكن الكبر يتطلب أن تكون المدينة كبيرة في كل شيء، في حجمها وصناعتها وتجارتها وإنسانها.. وأيضا في ثقافتها.
طبيعة طنجة، كمدينة لها تاريخ عريق ومستقبل واعد، هو أن تكون لها ثقافتها الخاصة، ثقافة تعكس انتماءها وهويتها، وهذه الثقافة يمكن تقسيمها إلى عدة مستويات:
المستوى الأول هو الثقافة الداخلية، وهذه الثقافة تعني أن تنتمي طنجة إلى ثقافتها الخاصة التي تنتمي إليها ماضيا وحاضرا، ثقافة تفتخر طنجة بأن تكون جزءا منها، ثقافة تعتز بها المدينة وتجعل منها وجهها الحضاري المشع.
هذه الثقافة الداخلية، التي تعكس الهوية العميقة للمدينة، هي التي يجب التركيز عليها وتسويقها في المدارس والمصانع والمنشآت السياحية، لأنها ثقافة لا يمكن للمدينة أن تنهض بدونها.
المستوى الثاني هو الثقافة الخارجية، وهي الثقافة التي تعكس وجه المدينة الحضاري للآخرين وللعالم باعتبارها مدينة شكلت دوما ملتقى للثقافات والحضارات.
هذه الثقافة تتميز بنزوع كبير نحو الانفتاح والتسامح، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه من أجل أن تكون طنجة قبلة لكل أنواع الاستثمارات التي يحس أصحابها بأنهم في مدينة تريحهم ثقافيا وحضاريا، مدينة عالمية بكل المقاييس وتتكلم لغات عالمية وتوفر الخدمات السياحية الجيدة بمستواها الإنساني الراقي.
المستوى الثالث من الثقافة التي يجب أن تتسلح بها طنجة هي الثقافة التراثية التي تجعل الماضي جزءا لا يتجزأ من شخصيتها.
هناك أيضا مسألة ضرورية لا غنى عنها، وهي التكوين الثقافي عبر تشجيع المواهب، بدون تقديسها أو تضخيمها فوق اللازم، حتى يحس الشخص الموهوب بأنه ليس بشرا فوق العادة، بل جزءا مهما من ماكينة دوران عجلة الحياة.
ينبغي أيضا أن تكون المهرجانات والملتقيات رافدا حقيقيا من روافد الثقافة في المدينة وليس مجرد أرقام زائدة هدفها الضجيج والبهرجة. كما يجب ترشيد نفقاتها حتى لا تستمر في دور لعب البقرة الحلوب التي تملأ الجيوب ولا تملأ الأدمغة.
في هذه الحركية أيضا هناك ذلك الفن الرائع الذي هو السينما، والذي يحتاج لمقال منفرد.