في الممر الذي يفصل الطريق الرئيسية عن باب محكمة بالما دي مايوركا، كانت امرأة تسير وحيدة وهي مطأطاة الرأس، بينما ابنتها تصورها عن بعد بهاتفها النقال، وعندما اقتربت المرأة من باب المحكمة وقفت أمام الإبنة وبدأت في إعطاء تصريح صحافي مصور، وكأنها شخصية شهيرة.

هذا المشهد حقيقي وجرى قبل أيام أمام نفس المحكمة التي ستجري فيها أطوار الاستماع للأميرة كريستينا، الإبنة الصغرى لملك إسبانيا، خوان كارلوس دي بوربون.

المرأة التي كانت تلتقط صورا أمام المحكمة جاءت إلى مايوركا من العاصمة مدريد لزيارة ابنتها، لكنها قررت استغلال هذه الفرصة من أجل محاكاة أميرة إسبانيا التي ستمر من نفس المكان في الثامن من الشهر المقبل، وستدلي بتصريح صحافي قبل وبعد الاستماع إليها من طرف القاضي خوسي كاسترو، الذي قرر استدعاءها كمتهمة بقضايا تتعلق بتبذير المال العام.

الإسبان الذين يمرون من نفس المكان ويلتقطون صورا صاروا كثيرين جدا مقارنة بالماضي، بل إنه في الماضي لم يكن يحدث ذلك بالمرة، لكن تورط أفراد من الأسرة الحاكمة الإسبانية في قضايا فساد ومرورهم من هذه المحكمة جعل الفساد في خدمة السياحة لأول مرة في البلاد.

ولا يقتصر الأمر على الإسبان الذين أصبحوا يحبون التقاط صور للذكرى في محيط المحكمة، بل إن سياحا أجانب كثيرين صاروا يمارسون نفس الشيء، خصوصا وأن بالما دي مايورك تعتبر من أفضل المناطق السياحية في البلاد.

طريق الأميرة

ووجه القاضي خوسي كاسترو، استدعاء للأميرة كريستينا للمثول أمام محكمة بالما دي مايوركا، في الثامن من فبراير المقبل، حيث ستدلي بأقوالها بخصوص طريقة صرف ملايين الأوروات التي كانت تتصرف فيها جمعية للنفع العام يديرها زوجها، لاعب كرة اليد السابق إنياكي أوردانغارين.

وإذا كان استدعاء الأميرة للمثول أمام المحكمة كمتهمة، لم يثر الكثير من اللغط في البلاد، على اعتبار أن جميع المواطنين متساوون أمام القانون، إلا أن هناك جدلا كبيرا في البلاد يخص مسألة إعفاء الأميرة من المرور ب”ممر العذاب” أو “ممر الإهانة”، حسبما يصطلح على تسميته، حيث يخوض النائب العام حملة إعلامية وقانونية لتجنيب الاميرة هذه المشقة الكبيرة، فيما يصر القاضي كاسترو على حضورها.

 وهذا الممر هو عبارة عن حوالي 50 أو 60 مترا تفصل بين الطريق العام حيث تمر السيارات، وبين الباب الرئيسي للمحكمة، حيث لا يمكن للسيارات الوقوف مباشرة أمام الباب بسبب ضيق الطريق.

وعلى الرغم من أن محكمة مايوركا سارت على هذا المنوال لعشرات السنين من دون أن ينتبه أحد، إلا أن تورط أفراد من العائلة الملكة في إسبانيا في فضائح مالية واستدعاؤهم للمثول أمام المحكمة، جعل “طريق العذاب” يقفز إلى الواجهة، خصوصا مع الاهتمام الكبير الذي توليه وسائل الإعلام لهذه القضية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version