طنجة أنتر:
هل يكفي ميسي تمريرتان حاسمتان وهدف في المونديال؟ ما هو الحد الأدنى المقبول من الأهداف والتمريرات الحاسمة حتى تكون جنسيته هي ما ظلمه لا العكس؟ كريستيانو سجل 4 أهداف كاملة، بالإضافة لأن إحدى تمريرات ميسي الحاسمة لم تكن مقصودة بل تسديدة ضعيفة تغير اتجاهها على قدم ميركادو فاعتبرت مواقع الإحصاء أن ميسي قد صنع الهدف لأنها لم تجد توصيفًا آخر للحالة، وهذا يذكرنا بتمريرة أخرى حاسمة لرونالدو في اليورو تم احتسابها بطريقة مشابهة، ثم أن أهداف رونالدو الأربعة شابها خطأين كارثيين لأفضل حارس مرمى في العالم في الموسم المنصرم، وهدف آخر كان من المفترض أن يُلغى لارتكاب بيبي مخالفة في منطقة جزاء المغرب، لذا فالحقيقة أن رونالدو لم يسجل إلا هدفا واحدا، وهذا الهدف أتى من ركلة جزاء. كل هذا الضجيج لأجل ركلة جزاء! بينالدو كالعادة!
قبل أن تسخر من ركلة الجزاء عليك أن تخبرنا ماذا فعل ميسي بركلة الجزاء الوحيدة التي سددها في المونديال. الأمر ليس بهذه السهولة لأن رونالدو يمتلك شخصية أقوى وأقدر على تحمل الضغوط، أما ميسي فيختار المدرب واللاعبين والتشكيلة والخطة والتغييرات ورئيس الاتحاد والحكم وموعد المباراة ونسبة الرطوبة ودرجة الحرارة ثم لا يكف أنصاره عن اختراع الأعذار. لماذا لا يخبرونا متى كانت آخر مرة سجل فيها في كأس العالم بعد دور المجموعات؟ لماذا لا يصنع المعجزات مثلما يفعل في برشلونة؟ لماذا لا يسجل مثلما يسجل رونالدو؟ يقولون أنها 10 خشبات ولكن الحقيقة أنها 11 خشبة، والتاريخ لن يتذكر إلا ما حدث أمام المرمى. التاريخ لا يتذكر إلا الأهداف ومن أحرزوها.
لحسن الحظ لم تعد مضطرًا للإجابة عن كل تلك الأسئلة الوجودية. كأس عالم بدون ميسي ورونالدو؟ الأمر ليس بجديد. في الواقع كان نفس السؤال مطروحًا منذ عدة أشهر عندما كانت البرتغال والأرجنتين تعانيان في التصفيات بدرجات متفاوتة؛ هل يمكن أن ينجح كأس عالم بدون ميسي ورونالدو؟
لسيناريو الأفضل قد حدث، تأهل الثنائي وحلّ كأس العالم ليحوله أنصارهما إلى ساحة حرب حقيقية تحاول استغلال كل لقطة لفرض قناعات معلبة سابقة التجهيز. كل قواعد المنطق تم نسفها اعتمادًا على صوت الأغلبية عقب كل مباراة، حتى بدأت أصوات الململة والتذمر تعلو من باقي مشجعي اللعبة، الذين شعروا أنهم صاروا مجبرين على مشاهدة المونديال من ثقب الباب.
لماذا هو السيناريو الأفضل؟ لأن الأوروغواي أطاحت بالبرتغال بعد أداء أسطوري، وفرنسا أخرجت الأرجنتين رغمًا عن ديشان وتغييراته العجيبة، وكل ذلك قد حدث في أولى أيام دور الـ16. أي احتمال آخر كان سيعني انقلاب الإنترنت رأسًا على عقب؛ لو تأهلت الأرجنتين ولم تتأهل البرتغال لكنا نتحدث الآن عن بينالدو الفاشل الذي لم يستطع قيادة بلاده في معركة متكافئة، ولو حدث العكس لكنا ننقل مطالبات الشعب الأرجنتيني لميسي بالاعتزال وعدم العودة للأرجنتين إلى الأبد، ولو وقع الاحتمال الثالث لكنا نستعد لأم المعارك في أولى مباريات ربع النهائي، الحرب التي لن يخوضها الجنرالات لأنهم سيكونوا أبعد ما يمكن عن بعضهما البعض في الملعب، ولكن الويل لك إن حاولت أن تخبر جلادي السوشيال ميديا بعدها أن منع أيهما من التسجيل هو وظيفة المدافعين لا وظيفة الآخر، والويل لك إن تحدثت عن أن هناك طرقًا أخرى لمساعدة الفريق غير التسجيل. هذه تفاصيل منطقية وموضوعية ومهمة، وأول ما يفعله أي “ترولر” أو صانع “كوميكس” يحترم نفسه هو أن يتجاهلها.