طنجة أنتر:

مرت قرابة عشر سنوات على هذه الوقفة الاحتجاجية، لكن التوقف الاضطراري الذي عرفته منطقة ميناء طنجة المتوسط بسبب جائحة “كورونا “أظهر أن أهم مطالب الساكنة لم تتحقق، وأن جل الشعارات التي رددها المحتجون أمس أصبحت كأنها كتبت اليوم وليس قبله بعقد من الزمن، ففي ظرف عشر سنوات لم يفتح أي تحقيق عن مصير 10 ملايير سنتيم، ولم يحاسب أو يعاقب أي أحد عن الإخفاقات التنموية المسجلة. إنها مدة ليست بالقصيرة تم فيها تبذير الكثير من المال على أنشطة موسمية عوض الاستثمار في التنمية المستدامة.

إن السؤال المطروح هو لماذا لم تتحقق التنمية المنشودة رغم أن الجهة المسؤولة عنها تتوفر على المال والخبرة والسلطة المادية والمعنوية؟؟ فمؤسسة طنجة المتوسط للتنمية في استطاعتها عمل الكثير ، وأحيانا يمكنها حتى تحقيق المستحيل، والدليل هو أنها وهي التي لا تتوفر حتى على ملحقة أو حتى شباك للتواصل مع فئاتها المستهدفة داخل إقليم الفحص أنجرة ، المجال الرئيسي لاشتغالها، حيث استطاعت استخراج وعاء عقاري من البحر وبناء مدرسة للزوارق الشراعية في الدالية، وما زالت إلى الآن تبحث عن “التخريجة” المناسبة لتسليمها إلى أطراف أخرى لا علاقة لها بالبحر كأي مشروع شخصي ناجح يدخل في خانة اقتصاد الريع بعد أن فشلت عملية تسليمها إلى جمعية للرياضات البحرية تحمل اسم المنطقة ولا تضم ضمن أعضائها أي شخص من أبناء القرية.

كما أنه تم صرف الكثير من المال على هذا المشروع علما أنه من الكماليات ولا يدخل ضمن الأولويات التنموية للمنطقة، وخاصة إذا علمنا أن صغارها لا يتوفرون على أقسام للتعليم الأولي، وأن سكانها أمضوا الحجر الصحي وهم يتسابقون على مياه السقايات لأن منازلهم لا تتوفر على الربط الفردي للماء، كما لا تتوفر كذلك على شبكة الصرف الصحي. ثم إن الشباب في محيط الميناء المتوسطي لا يتوفرون على ملاعب للقرب تقيهم شر الإدمان، ولا على معاهد للتكوين تتلقفهم من الانضمام إلى جيش العاطلين.


وكم كان السيد الوالي مهيدية محقا عندما قال إن أكبر خطر يواجه الجهة هم فئة الشباب غير مكونين وغير متعلمين والعاطلين عن العمل، ولذلك نستنتج أن الخطر الآخر والأكبر هم مبذرو الأموال التنموية، المسؤولون بالدرجة الأولى عن تكاثر الفئة السالفة الذكر.

إن الأموال المهدورة كانت كفيلة ببناء عدد كبير من ورشات التكوين وحجرات المدارس والمعاهد وعدد لا يستهان به من البنى التحتية ومرافق القرب والمستوصفات والمستشفيات.

فهل سنرى ما بعد “كورونا” وفي أفق تنزيل النموذج التنموي الجديد تغيرا للسياسة التنموية في المنطقة، أم أن دار لقمان ستبقى على حالها بنفس الوجوه ونفس العقليات التي تخلق فقاعات تنموية موسمية تنطفئ بانطفاء كاميرات وسائل الإعلام المغطية للحدث.


فالهدف الأكبر لمشروع الميناء المتوسطي عند انطلاقته كان ولا زال هو تنمية منطقة 500 كيلومتر مربع تنمية حقيقية مع إعطاء الأولوية للفئات المتضررة ومن خلال الخطوط العريضة لمشروع النموذج التنموي الجديد الذي أعطى انطلاقته صاحب الجلالة، يمكن أن نفهم أنه آن الأوان للقطع نهائيا مع فكرة أحزمة الفقر والتفكير في تنمية مندمجة حقيقية، تدمج المشاريع الكبرى في محيطها ضمن شراكة رابح رابح، تبني جسور الثقة بين المواطن والوطن عوض الوضعية الحالية، حيث تسمع جعجعة ولا يرى طحين.


ومن أجل الوقوف على حالة الجمود الذي تمر به المنطقة رغم الضجيج الإعلامي الذي يسعى أن يجعل من كل حبة قبة من خلال التركيز على الإيجابيات والمظاهر البراقة الخادعة، وإهمال الجانب المتعلق بالخصاص الذي تعانيه المنطقة على صعيد البنيات والمرافق الأساسية، وكذلك معاناة الساكنة التي تمر بأقصى درجات العزلة بجوار أكبر مشروع مينائي بأفريقيا .. ومن أجل الوقوف على حجم التهميش والحصار المضروب على السكان نعيد نشر التغطية الخاصة بإحدى الوقفات التي شهدتها المنطقة سنة 2011 .. للوقوف على الفرق الشاسع بين الشعارات التي يقدمها المسؤولون والواقع الفعلي لسياستهم على أرض الواقع المعاش .

عن “رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين”

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version