فوضى وغليان بمصلحة “الأمانة” التابعة لوكالة البريد المركزية بطنجة

ساعتان هو متوسط مدة الانتظار من أجل تسلم بعيثة بريدية

الإدارة لا تبالي والموظفون في حرج دائم مع الزبناء

تجمهر العشرات من المواطنات والمواطنين زبناء البريد، أول أمس الجمعة، وسط مدينة طنجة أمام مدخل مصلحة الإرساليات “أمانة” المحاذية لوكالة البريد المركزية المتواجدة بشارع محمد الخامس بقلب طنجة.

وبدا المشهد كما لو أنه وقفة احتجاجية صامتة حيث انتقد زبناء هذه الخدمة الحيوية فيما بينهم، ثم لميكروفون “المساء” مباشرة اللامبالاة الخطيرة التي تتعامل بها إدارة الوكالة البريدية مع المئات من المواطنين الذين يتنقلون إلى المصلحة للتوصل بإرسالياتهم أو بعثها.

وقالت جريدة “المساء” التي كانت حاضرة في عين المكان منذ الساعة السابعة والنصف صباحا أي نصف ساعة قبل فتح المكتب لأبوابه، إنها وجدت سبع زبناء يتنظمون في طابور تهييئا لعملية ولوج الوكالة، وعند استفسارها منهم عن سبب قدومهم مبكرا، أجابوا بكونهم كانوا يأتون صباحا ولا يصلهم الدور أو يتعبون من الانتظار الطويل، فقرروا المجيء قبل الجميع ليظفروا بحق الأسبقية في الاستفادة من الخدمة.

وعند حلول الساعة الثامنة صباحا كان المكان ممتلئا بعشرات الزبناء ينتظرون تسلم قطع ورقية صغيرة عليها أرقامهم الترتيبية لتنظيم عملية ولوج الوكالة كما جرت عليه العادة بها.

غير أن رجل الأمن الخاص المكلف بهذه العملية، وهو كهل في الخمسينات من العمر، أعلم المرتفقين بكون هذه العملية ألغيت بسبب مشاكل تسبب فيها زبناء كانوا يتسلمون أرقامهم ويذهبون لقضاء مآرب أخرى لساعات، ثم يعودون ملتمسين أخذ مكانهم في الطابور.

ونصح رجل الأمن الخاص الزبناء الذين بلغ عددهم عند الثامنة وعشر دقائق 38 شخصا بينهم سبع نسوة، بتدبير أمورهم في الطابور لوحدهم، فتوزع الزبناء تلقائيا على طابورين أحدهما خصص للذكور والآخر للإناث.

وفي الداخل، حسب  مقال “المساء” فإن شباكا وحيدا من الثلاثة الموجودة هو الذي كان متاحا يشتغل به موظف واحد يساعده آخر مكلف بجلب الإرساليات والطرود من الداخل.

وكان الوقت يمر بطيئا جدا على الزبناء تحت أشعة الشمس الحارقة مع بطء الخدمة وتوافد زبناء آخرين إلى أن بلغ العدد 62 مواطنا على الساعة التاسعة وعشرين دقيقة، دون أن يصل الموظف الآخر الذي أكد رجل الأمن الخاص أنه سيصل على الساعة التاسعة.

همهمهات هنا واحتجاجات هناك وسباب هنالك، كان الوضع لا يطاق بين المرتفقين وهم يعانون من انتظار قاتل، فيما ظهرت مشادات بين بعضهم حول ترتيبهم في الطابور ومن سيصله الدور قبل الآخر.
سعيد (موظف 54 سنة) قال ل”المساء” إنه يتنقل للمرة الرابعة على التوالي من أجل تسلم بعيثة من ابنته التي تقطن بمدينة تازة، مؤكدا أن هذا الغرض تطلب منه سبع ساعات من الانتظار موزعة على ثلاثة أيام دون أن ينجح في سحب بعيثته بسبب تعبه من الانتظار في مرتين، أما في المرة الثالثة بالأمس فقد أقفلت الوكالة أبوابها دون أن تتمكن من تلبية طلبات جميع الزبائن المتوفرين على أرقامهم الترتيبية.

ولم يكن حال فوزية (خياطة 37 سنة) أفضل من سعيد حيث أكدت ل”المساء” أنها مرت خمس مرات خلال الفترة الزوالية حين تتوقف عن العمل لأجل تناول الغذاء لتتسلم طرد بريدي قادم من أخيها القاطن بمدينة زاكورة به بعض وثائقها الشخصية تحتاجها في ملف مرضي تعده منذ فترة، لكنها كانت تجد المكان ممتلئا بالمرتفقين وكانت تتسلم رقما بعيدا جدا عن ذلك الذي وصل إليه الدور، وكمثال على ذلك قالت إنها تسلمت بالأمس على الساعة الواحدة زوالا رقما بعيدا بمائة وعشرين دورا، فانتظرت حتى انقضت فترة راحتها الزوالية وعادت إلى عملها دون حتى أن تتناول غذاءها، لذلك قررت القدوم باكرا قبل بدء دوامها.

أما عبد المنعم (تقني عربات، 29 سنة) فانتقد تدهور خدمة الإرساليات بالوكالة حيث كانت تشتهر في السابق بنجاعتها وسرعتها إذ تصل البعيثة بعد 48 ساعة فقط من إرسالها، أما اليوم فهو يتنقل لليوم الخامس من أجل تسلم ارسالية غادرت مدينة ورزازات قبل تسعة أيام دون أن تصل طنجة، متحسرا بحرقة عن وقته الثمين الذي ضيعه في التنقل ذهابا وإيابا إلى الوكالة، عدا فترات الإنتظار الطويلة والمملة.

وانصبت جل شهادات باقي الزبناء في ذات المنحى، إذ أعربوا جميعهم عن استغرابهم الكبير من تجاهل إدارة الوكالة لحالة الفوضى التي تهيمن على المكان يوميا، مع العلم أن هذا القطاع منتج ويوفر مداخيل هامة من جيوب المواطنين.

بالمقابل، تأسف موظف يعمل بوكالة بريدية بمدينة طنجة من هذا الوضع “الشاذ” حسب توصيفه، مُحمِّلا كل المسؤولية لإدارة البريد التي لم تواكب التحولات التي عرفها القطاع باستقطاب موظفين وأطر إضافيين لتلبية ضغط العمل الذي يشمل عدة خدمات متنوعة انضافت إليها أخرى بنكية صرفة.

وأعرب ذات الموظف عن امتعاضه من كثرة المشاكل التي يواجهونها يوميا مع المواطنين بسبب عدم مسايرة الإدارة للطلب الهائل على الخدمات البريدية، مشددا على أن الموظفين هم أول المتضررين من هذا الخصاص لأنهم يحملون على أكتافهم أعباء لا تطاق ولكونهم يصطدمون دوما مع زبناء غاضبين ومنزعجين من رداءة الخدمة المقدمة لهم.

(عن “المساء”)

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version