سعيد الحسوني”

اضطررت لقضاء غرض طارئ أن أسافر خارج مدينة طنجة بعد حصولي على ورقة التنقل الاستثنائية.

 

وأثناء تنقلي بين مدن المغرب إلى غاية بلوغي مقصدي، لاحظت أن جل المغاربة شكلوا صورة غريبة عن مدينة طنجة وعن سكانها.

 

نجح الإعلام بقوة في جعل المغاربة ينظرون إلى طنجة كما لو كانت مدينة “موبوءة” فعلا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، مثل “ووهان” الصينية في بداية تفشي الوباء.

 

كل من علم أنني قادم من طنجة كان ينتابه خوف مباغت ويحرص على الالتزام بالتباعد الجسدي أو يتذكر فجأة كمامته فيبحث عنها ليضعها بسرعة.

 

بل حتى رجال الأمن والدرك الذين صادفتهم في عديد السدود الأمنية المنتشرة على طول الطرق الوطنية، كانوا يستفسرون مني باهتمام بالغ عن الأوضاع في المدينة كما لو أنني كنت في “جزر الوقواق”.

 

وقال لي أحدهم فور علمه بمدينتي “واش جيتي جبتي لينا معاك الكوفيد؟” في تهكم ثقيل على القلب، فأجبته أن الكوفيد جاءنا من الداخل وليس من الخارج.

 

وكان بعض من التقيتهم يحكون لي قصصا عن مدن ارتاحت لمدة طويلة من كورونا إلى أن جلبها أحدهم من طنجة، في إشارة إلى كون المدينة “توزع المرض على المغاربة”.

 

وحاولت بكل الطرق أن أقنع من حدثوني أننا في طنجة نعيش حياة عادية جدا، نخرج، نتبضع، نتنزه، نرتاد المطاعم والمقاهي، نمارس الرياضة، نتزاور… ولا ينقصنا سوى البحر.

 

غير أنهم كانوا مقتنعين حتى النخاع بأنني كنت أبالغ فقط، ذلك لأن الإعلام الموجه، والمسؤولين، حتى كبارهم مثل العثماني وأيت الطالب بالأمس، رسخوا في أذهان المغاربة بأن طنجة “موبوءة” فعلا… لماذا ؟ لا أعرف.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version