طنجة أنتر:

حينما شرع في تطبيق إجراءات الطوارئ الصحية أقدم صيادلة طنجة على اتخاذ قرار احترازي يضع بينهم وبين زبنائهم سدا منيعا، حيث إنهم اتفقوا جميعا على تعليق تقديم الخدمة الخاصة بقياس الضغط ونسبة السكر في الدم تحت ذريعة الخوف من التعرض للإصابة بالمرض..

ووصل الأمر ببعضهم إلى حد إنكار علاقته بهذه الخدمة، و الادعاء بأنه لا يتوفر على أدوات إنجازها، وهو ما حرم عددا كبيرا من المواطنين من هذه الخدمة الضرورية التي يحتاجون إليها في هذه الظروف الحرجة للتأكد من وضعيتهم الصحية واتخاذ الاحتياطات اللازمة عند الضرورة، خصوصا بالنسبة للمصابين بالأمراض المزمنة ..

ورغم طواف هؤلاء على أكثر من صيدلية، فإن الجواب يظل واحدا، وهو “إننا لم نعد نقوم بهذا العمل”، وقد كان ذلك سببا في تدهور الحالة الصحية للكثير من المواطنين الذين يتعذر عليهم قياس الضغط الدموي أو التأكد من نسبة السكر في الدم بسبب صعوبة الحصول على جهاز خاص بالنسبة لكل واحد منهم، بالنظر لارتفاع ثمن اقتنائه من جهة، ثم افتقاد الكثير من الناس للخبرة فيما يخص كيفية استعمال تلك الأجهزة بكل دقة وفعالية من جهة أخرى.

ويذكر المشتكون أنهم كلما تقدم أحدهم إلى المكلفين بالصيدليات، يتم نصحه بزيارة الطبيب، أو التوجه إلى مختبر التحليلات من أجل إجراء التحليل الذي يتطلب ثمنا مكلفا … وهنا يحضر ذلك الإحساس العميق الذي يجسده قول الشاعر البليغ ” وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر”.


فأمام هذا الوضع المترتب عن هذا القرار المجمع عليه من طرف جمهرة الصيادلة الكرام الذين يبيعون الدواء لزبنائهم، وهم في نفس الوقت يمتنعون عن قياس ضغطهم الدموي للتأكد من وضعيتهم الصحية وتلافي التعرض لأخطار المضاعفات. قد يقال إن الخوف من انتقال الفيروس من الزبون إلى الأشخاص العاملين بالصيدلية قد يكون هو سبب الإضراب عن هذه الخدمة وتطليقها طلاق الثلاث، علما أنها لم تكن بالمجان ، ولكن كان يؤدى عنها ثمن رمزي ..

ألم يكن كافيا أن يلتزم الطرفان( الزبون والمستخدم) بارتداء الكمامة، واستعمال مستخدم الصيدلية للقفازات التي يمكن زيادة ثمنها إلى الثمن المعتاد للخدمة المقدمة، ثم التخلص منها في النهاية؟.

فهل كان من اللازم أن يقدم الصيادلة على اتخاذ هذا القرار الذي أضر بشريحة كبيرة من المواطنين وجعلهم يمرون بقلق يومي بسبب صعوبة قياس ضغطهم الدموي ؟..ولو كان الصيادلة مصيبين فيما أقدموا عليه، لكان الأطباء أولى بتطبيقه لتجنب الاحتكاك بالأشخاص خوفا من الإصابات المحتملة.

وإذا كان العاملون بالقطاع الصيدلي يخشون على أنفسهم بهذه الكيفية المضحكة، فماذا سيقول أطباء الاختصاصات المتعددة (الأسنان والرأس والحنجرة والصدر والعيون، وكذلك أعوانهم)…؟.

أمام هذه المفارقة العجيبة يحق لنا القول بأن فئة الصيادلة قد أخطأت التقدير هذه المرة، علما أنها كانت دوما تعيش بقرب المواطنين، بل كانت المسعف والمنقذ في بعض الحالات بالنسبة للعديد منهم، فهي تساهم في التوعية وفي تقريب المسافة بين الطبيب والمريض، وفي تبسيط الأمور بالنسبة للكثيرين في إطار الاستشارة.

وبسبب هذا الانقلاب المفاجئ، يتساءل الجميع كيف يمكن الامتناع عن القيام بعمل إنساني ورفض تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر ؟. فهل نسي السادة الصيادلة أن الصيدلي ليس مجرد بائع للدواء فقط، بل هو قيمة مضافة تتجسد فيها تلك المسحة الإنسانية التي غابت في مثل هذه الحالة ..


وللإشارة، فإن هذه الخدمة لم تكن بالمجان أبدا، بل كان يؤدى عنها الثمن بغض النظر عن قيمته، وهي تعد من الضروريات، وخصوصا بالنسبة للفئات الضعيفة والطبقات الفقيرة التي يتعذر عليها تدبر أمرها في مثل هذه الحالات عن طريق اقتناء الأجهزة الخاصة أو زيارة الطبيب والمختبر كل مرة .. فهذه هي رسالتنا لرجال ونساء هذا القطاع النبيل الذي نقدره ونحترمه، لكننا نريده أن يحافظ على رسالته الإنسانية النبيلة، وألا ينفصل عن لحمة المجتمع بناء على تقديرات لا يمكن الجزم بصحتها ..

عن “المكتب المركزي لرابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين”

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version