طنجة أنتر:

قبل أيام أعلنت المديرية العامة للأمن الوطني بالمغرب في بيان أنّ “مصالح الأمن الوطني بميناء طنجة المتوسط تمكّنت الاثنين من إجهاض عملية كبرى للتهريب الدولي للمخدّرات والمؤثرات العقلية، وحجز ما مجموعه طنّ و355 كيلوغراماً من مخدّر الكوكايين”.

وأضافت أنّ اكتشاف هذه الشحنة جرى بعد “الاشتباه في طريقة ختم إحدى الحاويات المحمولة على متن باخرة للنقل البحري، تحمل علم دولة أوروبية، كانت قد انطلقت من أحد الموانئ بدولة البرازيل ومتوجّهة صوب ميناءي أنفرس (بلجيكا) وبورت بوري (جنوب إنكلترا)”.

ضبط هذه الشحنة من الكوكايين، يلقي الضوء على عملية التهريب المستمرة منذ سنوات طويلة بين أمريكا اللاتينية وبلدان غرب إفريقيا، التي تستقبل شواطئها نسبا قياسية من الكوكايين، نظرا لضعف المراقبة بها، كما يجري تهريب كميات قياسية من الكوكايين عبر الحاويات العابرة للموانئ والمحيطات، مثلما حدث مع الحاوية التي تم ضبطها في الميناء المغربي.

ويقول مسؤولون أمنيون إسبان إن مهربي الكوكايين غيروا طرقهم المعتادة، وأن الكوكايين لم تعد تدخل أوروبا مباشرة إلى إسبانيا من أمريكا اللاتينية كما كان يحدث في السابق، بل إن الطريق أضحت تمر من أمريكا اللاتينية ثم إفريقيا قبل أن تصل المخدرات إلى أوروبا.

ووفق هذه المصادر فإن هناك اليوم أكثر من 10 بلدان إفريقية توجد بها مخازن للكوكايين، حيث يضعها المهربون هناك في انتظار الوقت المناسب للانطلاق نحو أوروبا، وهذا ما صار يقلق مصالح الأمن بشكل أكبر. ويشير الأمن الإسباني إلى أن أفراد الشبكات الكولومبية لتهريب المخدرات أصبحوا يسيطرون على كل شيء في تجارة الكوكايين، وأنهم توقفوا قبل مدة عن التعاون مع الشبكات الغاليسية (نسبة إلى منطقة غاليسيا بشمال غرب إسبانيا)، حيث أصبح الغاليسيون، الذي كانوا في الماضي شركاء للكولومبيين، مجرد ناقلين للمخدرات، بينما ازداد بشكل كبير عدد المغاربة في شبكات الكوكايين الكولومبية، إضافة إلى مواطنين أفارقة ينتمون إلى البلدان التي توجد بها مخازن الكوكايين.

ويقول مكتب الأمم المتحدة لمحاربة المخدرات والجريمة المنظمة، إن غينيا بيساو أصبحت جسر عبور للمخدرات من أمريكا الجنوبية إلى أوروبا، وأن المهربين يستغلون ضعف الموارد المالية لهذا البلد والعدد القليل من أفراد الشرطة وعدم توفره على سفن لحراسة مياهه الإقليمية من أجل تحويله إلى واحد من المخازن الرئيسية للمخدرات التي يتم توجيهها لاحقا إلى أوروبا عبر عدد من الموانئ.

لكن ليست فقط غينيا بيساو هي الدولة الوحيدة التي تخزن في ترابها مخدر الكوكايين الذي يتم استهلاكه في أوروبا، بل إن هذا الدور هو ما تقوم بها، أيضا، بلدان مثل الطوغو وغانا وساحل العاج وغينيا كوناكري وغامبيا والسنغال والرأس الأخضر وموريتانيا والمغرب، وهذا ما يفسر الكميات الكبيرة من الكوكايين التي تم العثور عليها في هذه البلدان، والتي تضاعفت أكثر من عشر مرات ما بين سنة 2000 وسنة 2020.

وفي وقت سابق ضبطت الوحدة الأمنية الإسبانية الخاصة لمحاربة المخدرات سفينة صيد قريبة من مياه جزر الخالدات، اسمها “مارس إي باهيا اثول”، والتي كانت تحمل على متنها أزيد من خمسة أطنان من الكوكايين، وهو ما جعل الخبراء يتأكدون من أن المهربين أصبحوا يعتمدون بشكل أساسي على البلدان الإفريقية، وبذلك أصبحت طريق أمريكا الجنوبية – إفريقيا، أكثر الطرق أهمية بالنسبة لمهربي المخدرات اللاتينيين.

ويقول أحد كبار مسؤولي فرقة محاربة المخدرات في إسبانيا إن الشبكات الكبيرة لتهريب الكوكايين جعلت من إفريقيا محطة رئيسية لها عبر المحيط الأطلسي، حيث تقوم بخزن المخدرات في بلدان إفريقية لمدة معينة من أجل تقليل مخاطر النقل المستمر والطويل الأمد، وبعد ذلك يتم تقسيم البضاعة على عدة أجزاء صغيرة ليتم إرسالها إلى إسبانيا، حيث يتم توزيعها داخل المدن الإسبانية، أو على باقي بلدان الاتحاد الأوروبي.

وكان حرس السواحل الإسبان حجزوا من قبل سفينة مجهولة الهوية تدعى “أوكت شالنجر”، كانت في بحر البُرّان قريبة من سواحل ألمرية، في الجنوب الإسباني، وكانت تحمل على متنها أربعة آلاف كيلوغرام من الكوكايين كانت متوجهة إلى كرواتيا. وتعتقد مصالح الأمن الإسبانية أن هذه البضاعة تم شحنها في إحدى موانئ المحيط الأطلسي، وأنه على الأرجح يوجد على السواحل الأطلسية الإفريقية.

ويقول خبراء إن “إفريقيا تعاني من هجوم مهربي الكوكايين في الغرب (كولومبيا)، ومن مهربي الهيروين في الشرق (أفغانستان). وأدى الاستنفار الأمني من أجل وقف هذه التجارة المتدفقة، إلى محاولة شبكات التهريب السخرية من الإجراءات الأمنية وذلك بابتكار وسائل أخرى لنقل بضاعتهم عبر شحنها على متن طائرات أو عبر البواخر الضخمة العابرة للمحيطات، ووضعها على متن حاويات، مثلما حدث مع الحاوية التي ضبطها الأمن المغربي مؤخرا بميناء طنجة المتوسط.

كما تستخدم هذه الشبكات طائرات صغيرة التي تعرف باسم “آيروطاكسي”، والتي تنتقل بين القارتين الإفريقية والأوروبية. وغالبا ما تتنقل هذه الطائرات بين ضفتي القارتين بسهولة من دون أن تدركها أجهزة الرادارات أو تشك في أمرها مصالح الأمن. وبالإضافة إلى الطائرات وبواخر الصيد التي أصبحت تستعمل بكثيرة لنقل الكوكايين إلى أوروبا، فإن هناك أيضا الباطيرات التي تنقل الحشيش أيضا.

عن almassaa.com

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version