طنجة أنتر:

يخطئ كل الذين يظنون أن حركة 20 فبراير، التي رأت النور خلال الحراك العربي قبل أزيد من 10 سنوات، قد ماتت، والحقيقة أنها حية ترزق، بل تعيش في كامل صحتها وعافيتها داخل جيب رئيس مقاطعة بني مكادة بطنجة، محمد الحمامي.

وخلال الدورة الاستثنائية للجماعة الحضية، المنعقدة الخميس، بدا واضحا أن طنجة في نفق طويل، طويل جدا، بدون ضوء لا في بدايته ولا في نهايته، وإذا لاح لأحد ضوء في مكان ما،ـ فهي فقط نار مشتعلة.. أو ستشتعل.

في هذه الدورة، حدثت الكثير من الأعاجيب، لكن أكبرها تهديد رئيس مقاطعة بني مكادة، محمد الحمامي، بعودة حركة 20 فبراير، بل إنه أكد أنه من سيقود “الثورة” في حال لم يتم العودة إلى الأزمنة السحيقة ومنح رؤساء المقاطعات صلاحيات التوقيع على الرخص العشوائية، وهي الصلاحيات، التي يعرف كل الطنجاويين الحقيقيين، أنها كانت بمثابة كارثة على طنجة، وحولت المدينة إلى برميل بارود وسلة من الموبقات الاجتماعية والأخلاقية.

الحمامي، بطبعه المعتاد، لم ينس أن يذكّر الناس، وعلى رأسهم السلطة، بأنه أحد أهم صناع الاستقرار في هذه البلاد، تماما مثلما يقول بنكيران، وأنه لولاه لحدث في هذه البلاد ما لا يحمد عقباه، وأن الحل الوحيد لحفظ الاستقرار في طنجة، والمغرب عموما، هو العودة إلى منحه حق التوقيع على الرخص الحمامية، والاستمرار في تحويل طنجة إلى كارثة سكنية بمقاييس عالمية.

في كل هذا وذاك لم ينس الحمامي أنه صاحب أعلى نسبة من الأصوات في الانتخابات الماضية، وطبعا فإنه حصل على تلك الأصوات بطريقة نزيهة جدا، لأن الانتخابات في مقاطعة بني مكادة تجري بطريقة مشابهة جدا للانتخابات الأمريكية أو الألمانية، لذلك من الظلم ألا يتم منح الحمامي حق التوقيع على المزيد من الرخص، حتى تصبح بني مكادة أكبر مقاطعة في العالم، وليس في المغرب فقط.

المثير في هذا وذاك ليس كلام الحمامي، فهو رجل يؤخذ من كلامه ويرد، لكن المثير هو صمت السلطة التي تتصرف وكأن لا شيء يحدث في هذه المدينة، أو كأن تلك البناية العملاقة التي تسمى ولاية طنجة لا يوجد فيها أحد، أو كأن السلطات في عطلة طويلة الأمد.

سكان طنجة تعبوا من هذا العبث، والذين يملؤون الحقائب والأرصدة بالمال على حساب هذه المدينة وعلى حساب سكانها وتاريخها ثم يهربون مثل قطاع طرق أكيد سيحاسبون عاجلا أم آجلا.. سواء ممن كانوا يسمون أنفسهم، زورا وبهتانا “أبناء طنجة”، أو من القادمين “الملهوطين” الذين يلحسون أي درهم يظهر أمامهم. كما أن أبناء طنجة البررة لا يمكن أن يكونوا مجرد كراكيز ودمى في يد غيرهم. ومن يقول عن نفسه إنه طنجاوي حر أصيل فلا يجب أن يكون مجرد “كراكوز” في يد ملهوط جائع.

التاريخ سيحاسبكم جميعا.. لذا أوقفوا هذا العبث.. وأعيدوا لطنجة القليل من مكانتها، فهي ليست مغارة علي بابا يغتني منها “القطاطعية”، إنها مدينة حظيت بالكثير من الاهتمام الملكي، لكن مقابل هذا الاهتمام هناك إصرار على الاستمرار في جعل طنجة صندوقا للسرقة وبؤرة للانفجار عبر إحاطتها بالمزيد من براميل البارود، وها هو رئيس أكبر مقاطعة في المغرب يهدد بقيادة “الثوار” والزحف على الولاية في حال لم تمنح له رخص التوقيع على القطع العشوائية من 50 مترا فما تحت.

أما الولاية.. أية ولاية..؟ لا توجد ولاية..

إنها كارثة..

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version