حوادث وعربدة واحتقار القوانين: هل صارت طنجة قلعة للفوضى؟

https://www.youtube.com/watch?v=GymWjznmODk

طنجة أنتر:

فاجعة أخرى بطنجة.. أبطالها، وضحاياها هذه المرة، من سائقي هذه السيارات المجنونة، سيارات نقل العمال، سيارات يوجد أصحابها فوق القانون وفوق الوطن وفوق الشعب. وحوش لا أحد يستطيع محاسبتها.

أربع ضحايا في يوم واحد، وذلك بضعة أيام فقط على فاجعة أخرى بطريق أشقار، حين دهست سيارة مجنونة ركاب دراجات نارية ووزعت أجسادهم بين المقابر والمستشفيات.

سكان طنجة حائرون.. خائفون.. قلقون.. يفكرون.. ويتساءلون: هل تحولت المدينة على تابوت متحرك..؟ والجواب يملكه أولئك الذين يمسكون بزمام الحل والعقد.

يوما بعد آخر تتحول طنجة إلى وحش، ولم يعد المغادر لمنزله صباحا يدرك أنه سيعود إلى منزله مساء، بعد أن استفحلت الفوضى في الطرقات، وأصبح “الحلوف” يسوق السيارات، وتحول الأمن إلى مجرد كومبارس.

عندما نسمع الطنجاويين الحكماء يلعنون هذه التنمية فإنهم يدركون ما يفعلون، فمن الأفضل أن يعيش الإنسان في أمان في مدينة صغيرة وهادئة، حتى لو كانت تفتقر لكثير من أسس البنية التحتية، عوض أن يعيش في مدينة عملاقة لكنها مثل غول يأكل أبناءه.

هذا هو حال طنجة، مدينة صار يتحكم الخارجون عن القانون من المدمنين وتجار المخدرات الصلبة وأبناء الفشوش الذين يسوقون سياراتهم كأنهم في حديقة للعلب، والضحايا لا بواكي لهم.

وقبل فاجعة السبت الحالي، كانت فاجعة السبت الماضي مأساوية بكل المقاييس. سائق موتور يلعب في الطريق مع رهط من أقرانه الحلاليف دهس مجموعة من الناس الطيبين الذين كانوا يقومون بنزهة هادئة على دراجاتهم، فأزهق أرواح اثنين وبعث الباقين إلى المستعجلات. وإلى حد الآن لم يقل لنا الأمن في طنجة ماذا جرى.. !

بطبيعة الحال فإن الأمن لا يمكنه أن يضبط قبيلة الحلاليف التي صارت تلعب في الطرقات، لكن الأمن قادر على الزجر والضبط وإعادة الأمور إلى نصابها، فما يحدث الآن شبيه بحرب أهلية.

الأسبوع الماضي، وفي نفس يوم حادث الدراجات النارية انقلبت سيارة أجرة في قلب طنجة ومات راكب وأرسل الباقون إلى المستشفى. لقد دخلت سيارات الأجرة بطنجة في زمن السيبة منذ وقت طويل، إن الكثير من سائقي هذه السيارات يتصرفون وكأنهم في غابة، أو كأن الأمن مجرد صور ملونة في كتاب المطالعة.

وفي نهاية الأسبوع الماضي أيضا وقعت حوادث سير خطير في عدد من مناطق طنجة، منها ذلك الحادث الأليم في “مرقالة”، وكأننا في الأسبوع العالمي لارتكاب حوادث السير القاتلة.

الأمن هو المسؤول الأول، والمسؤول الثاني هو المجلس الجماعي الذي كان ينبغي أن يخرج من صراعاته السياسوية التافهة ويعمل على تشوير الطرقات، ففي البداية والنهاية فإن نسبة كبيرة من المبالغ المحصلة في مخالفات السير تذهب إلى هذا المجلس. ليخبرونا إذن ماذا يفعلون بتلك المبالغ إذا لم تستغل في تنظيم حركة السير بالمدينة عبر التشوير.

الأمن لا يعلم الناس كيف يسوقون، ولا يمكن أن يرافق شرطي كل سائق، لكن الأمن يجب أن يقنع سكان طنجة بأن القانون فوق الجميع، وأنه لا وجود لسياسة “بّاك صاحْبي”.. وأن من ارتكب المخالفة يستحق العقوبة، وأن شرطي المرور مهمته تنظيم السير وردع المخالفين مهما كانت أسماؤهم ومراتبهم.

كل هذه الفوضى تنضاف إلى الفوضى الموجودة دائما، عبر جنون مئات سيارات نقل العمال، التي تتصرف في المدينة وكل سائق يقول مع نفسه: “الباطرون يحميني” عندما تقع مصيبة..

ونحن بدورنا نتساءل.. إذا كان الباطرون يحمي السائق المتهور.. فمن يحمي الباطرون الفاسد..؟
هذا سؤال بريء.. أكثر من اللازم.

سيارات الأجرة بدورها تحول عدد من سائقيها على يشبه أعضاء عصابة. وهناك مئات، الشكايات من سائقين مجانين وأصحاب سوابق، وسيارات أجرة تعمل بلا ترخيص، وسيارات أجرة تمارس اللصوصية في حق الزبناء، لذلك لا بد أن نعود لسؤالنا القديم، أين الأمن..؟

طنجة لم تعد مدينة آمنة، وصارت تعيش طبقية مقيتة بين أصحاب السيارات الفارهة وأبناؤهم الذين يتصرفون كفيلة في متحف للقش، وبين السيارات المتواضعة التي تؤدي الثمن نيابة عن الجميع.

المصيبة انه مع حلول الصيف تتحول المدينة إلى كتلة من الفوضى. وإلى حد الآن لا نعرف هل تلك الدراجات النارية ذات الأربع عجلات حرام أم حلال؟ لأنه تصبح مثل كلاب متوحشة نجوب أرجاء المدينة وتزرع الرعب بين السائقين والراجلين على السواء.

إلى كل هؤلاء ينضاف تجار المخدرات وأبناء المهربين وهم يقومون بتفحيط سيارات في قلب المدينة، والناس عاجزون عن فعل شيء، والكل يتساءل: هل صارت طنجة قلعة للفوضى..
إنه سؤال مر..