طنجة أنتر:
تعيش الجماعة الحضرية لطنجة فصول كوميديا سوداء، منذ اعتلى منصتها عمدة يسمى منير ليموري، أو الليموني كما يسميه البعض، وعدد من نواب هذا العمدة يشبهونه أو يتفوقون عليه في الضعف والاستهتار.
آخر فصول هذه الكوميديا تجلت قبل بضعة أيام، في مجال الثقافة والفنون، وهو المجال الذي لا يفقه فيه لا العمدة ولا نوابه ولا أصدقاؤه ولا جيرانه، وهذا في حد ذاته مصيبة في مدينة كانت عاصمة للثقافة العالمية لعقود طويلة، فتحولت اليوم إلى عاصمة للمتردية والنطيحة وما عاف السبع.
ويوم الأربعاء الماضي، حضرت إلى اجتماع بالجماعة الحضرية أسماء فنية وثقافية لامعة، تتقدمها المخرجة الشهيرة وابنة طنجة فريدة بليزيد، وهي عضوة لجنة النموذج التنموي الجديد، والمخرج السينمائي الجيلالي فرحاتي والمخرج جمال السويسي وفعاليات أخرى من قبيل فنانين ومثقفين وممثلي المصالح الخارجية من قبيل قطاع الثقافة والشباب والتربية الوطنية، والهدف كان هو تشخيص الوضع الثقافي الحالي بالمدينة ومحاولة رسم الخطوط العريضة للعمل المستقبلي.
لكن هذا الاجتماع كان نكتة حقيقية، لأن نائبة العمدة التي ترأست الاجتماع لم تعرف حتى قراءة كلمتها، والتي تلعتمث فيها كثيرا حتى بدا للحاضرين أنها تقرأ اللغة الهيروغليفية القديمة، وزادت الطين بلة حين لم تستطع وضع حد لكلمتها وكأنها أضاعت نقطة النهاية.
ولم تكتف هذه النائبة بتعذيب الحاضرين بكلمتها المملة والفارغة، بل مارست نظرية “الهجوم خير وسيلة للدفاع”، وتهجمت على ممثلة المديرية الجهوية للثقافة بطنجة واتهمتها بأنها تطيل أكثر من اللازم، وقالت للدكتور رشيد أمحجور، الباحث في السياسة الثقافية، بالحرف “انت كتجيب للناس النعاس”، وهو ما استنكره الجميع، بل أدت هذه الرعونة والحمق إلى انسحاب العديد من الفعاليات الثقافية البارزة من الاجتماع.
وقد لاحظ الجميع التأثر البالغ الذي بدا على وجه نادية البيضاوي، ممثلة المديرية الجهوية للثقافة بطنجة، والتي رفضت اعتذار النائبة، لأن ترؤس هذه النائبة للاجتماع كان في حد ذاته فضيحة، ومن يجب أن يعتذر هو العمدة نفسه، الذي يبدو أنه كان، مرة أخرى، مسافرا بحثا عمن يلبس “صبابيطه”!
ما جرى يثبت، لمن لا يعرف ذلك، أن هذه المدينة سقطت في جب عميق بعد انتخابات شتنبر 2021، والمصيبة أنه فات الأوان لإصلاح هذه الكارثة، ولم يبق من حل سوى رحيل هذا العمدة الكارثي وعدد من نوابه، فالمدينة لم تعد تحتمل كل هذا العبث.