طنجة أنتر:
عن “المساء اليوم” almassaa.com
قبل بضعة أيام ثار جدل في البرلمان المغربي حول الشبكات التي تهرب النفايات الأوروبية إلى المغرب، سواء بطريقة قانونية أو بطريقة “سرية”، وطالبت أحزاب، أهمها “التقدم والاشتراكية” بفتح تحقيق في الموضوع ومحاسبة المتورطين.
موضوع النفايات الأوروبية في المغرب ليس جديدا، فقبل بضع سنوات تفجر غضب شعبي كبير بفعل اكتشاف باخرة ضخمة كانت متوجهة إلى ميناء مغربي وهي تحمل آلاف الأطنان من النفايات الإيطالية، والمصيبة أن ذلك كان بإشراف وعلم وزيرة مغربية.
لكن هناك وجها آخر من تهريب النفايات إلى المغرب يتم بشكل قانوني جدا، بل مع الترحيب التام بالغيطة والدقايقية، ولا أحد يهتم بذلك مع أن هذه الظاهرة تشكل خطورة حقيقية على البلاد، بل تشوه سمعة ووجه المغرب بالخارج. مناسبة هذا الحديث هو بداية عملية “مرحبا 2023″، حيث بدأ توافد مئات الآلاف من مغاربة العالم لقضاء عطلهم بالمغرب صيفا، ومع هذا العبور يكسب المغرب الكثير من الفوائد المادية والمعنوية، لكن هناك ظاهرة مشينة يجب أن تتوقف.
الكثيرون لاحظوا، بالتأكيد، تلك السيارات الكبيرة “فاركونيط” التي تأتي من أوروبا وتعبر الموانئ المغربية وهي محملة بأطنان من البضائع المجهولة والغريبة، وتتوجه نحو مختلف المدن والبوادي المغربية. لكن الجميع يعرف ما تحمله هذه السيارات، إنها نفايات كارثية يتم جمعها من حاويات القمامة في أوروبا وحملها إلى المغرب، نفايات لا تصلح لشيء لا في أوروبا ولا في المغرب، ومع ذلك فإن هذه الظاهرة مستمرة وتحظى بتسامح كبير من جانب الأمن والجمارك ومعفية من كل الرسوم الجمركية.
من الغريب أن نجد بين هذه “البضاعة” مصابيح محترقة ودمى بلا أرجل و دراجات بلا عجلات وعجلات بلا دراجات و”نونوس” بلا عيون وقصبة صيد مكسرة وثلاجة معطوبة من الثمانينيات ومقعد مثل “القالب” ومسامير وأحذية من زمن شارلي شابلن وملابس توجد أحسن منها بكثير في أسواق المغرب بسعر التراب.
نعرف أن حاملي هذه النفايات إلى المغرب أقلية، لكنهم صاروا يتكاثرون ويستغلون موسم العبور لكي يدخلوا البلاد آمنين حاملين أزبالهم بالأطنان، وكثيرون منهم يقضون عطلتهم وهم يفترشون الأرض ويعرضون هذه النفايات للبيع في الأسواق الأسبوعية.
كما أن هؤلاء صاروا يشكلون شبكات خطيرة تستعمل مئات السيارات الكبيرة وتنقل هذه النفايات إلى المغرب في قوافل طويلة، بل وتفعل ذلك أكثر من مرة في السنة، بل أحيانا مرة في الشهر أو في الأسبوع، لذلك لا نفهم سبب غضب المغاربة على باخرة نفايات إيطالية أو إسبانية، بينما هذه السيارات تنقل إلى المغرب حمولة عشرات البواخر كل عام.
مسألة أخرى ترتبط بهذه الظاهرة، وهي مشهد هؤلاء المغاربة وهم يطوفون بسياراتهم على حاويات القمامة في المدن الأوربية ويجمعون أي شيء لنقله إلى المغرب، وهذا شيء لا يسيء لهم فقط، بل يسيء لبلاد بكاملها ولسمعة مغاربة العالم.
نتمنى أن تتوقف هذه الظاهرة المشينة في أقرب وقت، وبكل الصرامة اللازمة، فهناك ألف طريقة لكسب لقمة العيش غير هذه، والمغرب تغير كثيرا وليس محتاجا أبدا لهذه النفايات الوسخة.