طنجة لم تكن فقط ملجأ للإسبان “الجائعين والعاطلين” خلال الأزمة الاقتصادية التي تطحن إسبانيا خلال السنوات الأخيرة، بل لعبت هذا الدور على مر عقود طويلة، لأنها كانت المدينة التي أنقذت بطون وأرواح وعقول الكثير من التائهين.
في بداية القرن العشرين، عندما كانت إسبانيا ترتع في فقر خرافي، جاء الآلاف من رعايا البلد الجار نحو طنجة، وأيضا نحو مدن مغربية أخرى، طلبا لبعض القوت، وفيها استوطن آلاف الإسبان الذين صاروا طنجويين أبا عن جدا، ولا يزال أحفاد هؤلاء يزورون المدينة بين الفينة والأخرى عرفانا لها بالجميل الذي أسدته لأجدادهم.
هناك مرحلة أخرى حاسمة لعبت فيها طنجة دورا محوريا في إنقاذ الإسبان، وهي مرحلة الحرب الأهلية الإسبانية ما بين 14936 و1939. وخلال هذه الفترة كانت “قوارب الموت” تسير في اتجاه واحد، وهو اتجاه طنجة، حث نزل مئات الإسبان في شواطئ هذه المدينة الدولية، وهدفهم واحد، كثير من الخبز وبعض الحرية.
أغلب الإسبان الذين كانوا يركبون قوارب الموت وقتها فعلوا ذلك هربا من المرور في المراكز الحدودية الرسمية مخافة الاعتقال، وفي طنجة وجدوا مرادهم، لذلك فإن كل إسباني يأتي إلى طنجة كان يبعث على الفور رسالة إلى أهله وأصدقائه بعبارة واحدة “تعالوا إلى طنجة.. هنا يوجد خبز.. خبز كثير”.