المداومة.. والخيانة
هناك حكاية أخرى لمقدم من نوع آخر. إنه “رجل” أنقذه هروبه من فترة ليلية للمداومة فاكتشف أسوأ ما يمكن أن يكتشفه رجل في حياته.
كان هذا المقدم من ضمن بضعة مقدمين يتناوبون على المداومة الليلية في إحدى المقاطعات ببني مكادة، الحي الشعبي الكبير المعروف في طنجة.
في إحدى الليالي، كان صاحبنا المقدم مرهقا ويحس بتعب كبير، لكن القايد طلب منه أن يمضي الليل في القيادة كما يفعل غيره. قبل المقدم على مضض أوامر القايد، لأنه لا يوجد في المغرب مقدم يعصي أوامر القايد، وجلس في القيادة يحصي الساعات والدقائق بعد أن أخبر زوجته بأنه لن يأتي للمنزل تلك الليلة.
بعد انصراف الجميع، همس الشيطان في أذن المقدم وقال له لماذا لا تذهب إلى منزلك وترتاح ولن يراك أحد. فكر المقدم ثم قدر، ثم قرر أن يتمرد على أوامر رئيسه، فترك القيادة وتوجه إلى منزله وهو يحس بنشوة التمرد التي نادرا ما أحس بها.
وصل المقدم وأدار المفتاح في باب المنزل. تقدم بطئيا نحو غرفة النوم يبحث عن زوجته مثل طفل ليخبرها بأنه تمرد على المقدم، وعندما فتح الباب، وجد زوجته بين أحضان عشيقها.
أحس المقدم بالدنيا ترقص به، وتذكر أن الشيطان الذي وسوس له قبل هنيهة بأن يترك القيادة ويتوجه إلى منزله، ليس في الحقيقة سوى ملاك أرسله لكي يكتشف خيانة زوجته.
لم يتأخر المقدم طويلا واتصل فورا بالأمن وتم إثبات حالة التلبس وأدينت الزوجة وعشيقها بستة أشهر، وعندما خرجت من السجن عادت إلى فراش الزوجية كأية زوجة صالحة لأن المقدم تركها على ذمته لم يطلقها، بل اكتفى بتأديبها.
اليوم ترقى ذلك المقدم وأصبح في مرتبة إدارية أعلى، وصارت تلك الحكاية جزءا من الماضي، وأحسن ما يعيشه حاليا هو أن لا أحد يأمره بالمداومة.