يبدو أن عدوى الجنون التي ضربت الشارع المصري بعد الانقلاب العسكري في مصر، الذي أطاح بأول رئيس مدني منتخب، لن تتوقف عند حدود أرض الكنانة، حيث انتقلت لغة التخوين العمالة لكل ذي رأي مخالف من شاشات القنوات الفضائية المصرية إلى دول الخليج.
آخر مظاهر هذا الجنون والإقصاء كان مسرحه دولة الكويت، بعد سحب مجلس وزرائها للجنسية من 10 مواطنين كويتيين معارضين لسياسات القائمين على أمر البلاد.
وكان من بين الأشخاص الذين سحبت منهم الجنسية الكويتية الداعية والإعلامي نبيل العوضى، لا لشيء إلا أنه يعبر عن آراءه دون مواربة أو مداهنة، فيما يتعلق بمجريات الساحة السياسية في الكويت، وأيضا فيما يعتمل حاليا في الوطن العربي من ردة على المكتسبات التي جاء بها الربيع العربي، خاصة أحداث الانقلاب العسكري في مصر.
هذا الجنون الذي انتاب سلطات الكويت بسحب الجنسية من مواطنيها لمخالفتهم رأي قادة البلاد سبقه حدث مماثل، كانت بطلته دولة خليجية أخرى سحبت جنسيتها من عشرات المواطنين، هي الإمارات العربية المتحدة، التي لم يصلها من عبق الحداثة والحرية والتنمية إلا ما ارتبط بالمتعة الفاسدة والتطاول في البنيان، أما الحرية السياسية وحقوق الإنسان والتنمية البشرية فهي من كبائر الكبائر.
وتفاعل أكاديميون وحقوقيون وناشطون مع خبر سحب الجنسية الكويتية من نبيل العوضي، مشددين على حكام دول الخليج أن يراجعوا حساباتهم فيما يخص سحب الجنسية من المعارضين، معتبرين ذلك جريمة في حق الإنسان.
وأثار سحب الجنسية من العوضي نقاشا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أشار بعضهم إلى أن المواطنة في دول الخليج تكتسب من خلال مراكمة الخبرة في نهب أموال الشعوب بالباطل، أما من يحمل أفكارا وعلوما فلا يستحقها، لأن “أهل الحكم يرفلون في نعيم الجهل”.
فيما اعتبر أكادميون أن ظاهرة سحب الجنسية من مخالفي الرأي بدول الخليج تهدد مفهوم وقيم المواطنة بتلك الدول، وهو أمر واقع يتم تكريسه أكثر، حيث أن دول الخليج بها ما يعرف بـ “البِدُون”، وهم أناس ولدوا وترعرعوا في إحدى تلك الدول، وكذلك آباؤهم وأجدادهم، إلا أن خانة الجنسية لديهم فارغة، فهم ليسوا مواطنين.