يعرف الوضع الصحي في المستشفيات العمومية بطنجة وضعا خطيرا بعد أن تم إلغاء مئات العمليات الجراحية التي كانت تُجرى في مستشفى محمد السادس بسبب غياب أطباء مختصين في التخدير والإنعاش.
وأوقف مستشفى محمد السادس بشكل نهائي كل العمليات الجراحية، والتي كانت تقدر بحوالي ألف عملية سنويا، بما فيها عمليات الولادة القيصرية، مما أضحى يشكل نكبة حقيقية للوضع الصحي في المدينة.
ويعتبر مستشفى محمد السادس ثاني أهم وأكبر مستشفى عمومي في المدينة، بعد مستشفى محمد الخامس، والذي كانت تجرى به مئات العمليات الجراحية كل سنة، بمعدل يتراوح ما بين ست عمليات جراحية يوميا، خصوصا وأنه موجود في منطقة تشهد كثافة سكانية عالية.
وكانت مشاكل هذا المستشفى ظهرت إرهاصاتها منذ شهر يونيو الماضي، عندما تم تنقيل الطبيب المختص في التخدير والإنعاش إلى مستشفى محمد الخامس، وتوالت بعدها “النكبات الصحية”، ليتم حاليا وقف كل العمليات الجراحية بشكل نهائي.
غير أن مصادر مطلعة قالت إن مستشفى محمد السادس، الذي يتوفر على أحدث التجهيزات في مجال إجراء العمليات الجراحية، يستقبل بين الفينة والأخرى عمليات جراحية يقوم بها أطباء خواص لمرضى يتوفرون على علاقات نافذة، وهي عمليات وصفتها هذه المصادر بأنها “شبه سرية”، خصوصا وأنها تجري تحت إشراف أطباء تخدير يأتون من مستشفيات أخرى للإشراف على هذه العمليات ثم المغادرة فورا.
وحسب مصادر مطلعة فإن توقف إجراء العمليات الجراحية بمستشفى محمد السادس سيعرض التجهيزات الطبية المتطورة للبوار والتلف، وهي أجهزة كلفت الكثير ماديا. وتضيف هذه المصادر أنه في الوقت الذي تم فيه هدر الملايين من أجل اقتناء تجهيزات العمليات الجراحية المعرضة للتلف، فإن مستشفى محمد السادس لا يتوفر على سيارة إسعاف، وغالبا ما يضطر للاتصال بإدارة مستشفى محمد الخامس لطلب سيارة. وتقول هذه المصادر إن التوقيت الوحيد الذي تكون سيارة إسعاف متوفرة في هذا المستشفى هو خلال الزيارات الملكية لمدينة طنجة، وبمجرد أن تنتهي الزيارة حتى تختفي السيارة على عجل.
وكانت المشاكل المزمنة لثاني أكبر مستشفى عمومي في طنجة بدأت منذ شهر مارس الماضي، عندما أصدر مندوب وزارة الصحة قرارا، وصفته مصادر طبية بأنه مرتجل وعشوائي، ويقضي بنقل الدكتور محمد بركات، المختص في التخدير والإنعاش، من مستشفى محمد السادس إلى مستشفى محمد الخامس، بدعوى تعويض الخصاص في هذا الأخير.
غير أن قرار مندوب الصحة الذي كان يرتقب أن يتم تصحيحه بتعيين طبيب تخدير جديد بمستشفى محمد السادس، تحول إلى نكبة حقيقية على المستشفى، إلى درجة أن العمليات الجراحية توقفت بشكل نهائي، وبعدها أمر مندوب الصحة بنقل كل الأطر الصحية في قسم الجراحة بمستشفى محمد السادس نحو مستشفى محمد الخامس.
وتعيش طنجة حاليا وضعا صحيا سرياليا، حيث أن العمليات الجراحية، بما فيها عمليات الولادات القيصرية، تجري كلها تقريبا في مستشفى محمد الخامس، وهو ما يشكل وضعا خطيرا بسبب الازدحام وانعدام العناية وغياب النظافة، وهو ما اضطر عددا من النساء الحوامل إلى إسقاط الحمل أو الولادة في الشارع، وهي حالات تكررت لأكثر من مرة خلال الشهور الأخيرة.