لا تزال أسر معتقلين ومفقودين مغاربة في العراق، ينحدر معظمهم من مدينة طنجة، تواصل جهودها من أجل إطلاق سراح أبنائها القابعين في السجون العراقية، بينهم معتقلون انتهت مدة سجنهم منذ فترة طويلة.
ويقوم أهالي المعتقلين والمفقودين المنتمين لمدن مغربية مختلفة بشكل دوري بمراسلة جهات حكومية ومنظمات دولية ومحلية تعني بحقوق الإنسان وتنظيم وقفات احتجاجية بمختلف المدن المغربية، للضغط على الحكومة المغربية لعودة ذوينهم ومعانقة وطنهم، أسوة بدول عربية نجحت في حلحلة الملف.
ووفق إفادات أهالي فإن المعتقلين يرزحون تحت وطاة معاناة جسيمة داخل السجون العراقية.
معاناة مريرة
من حي بن ديبان الشعبي، بمدينة طنجة، خرج عبد السلام البقالي، وانقطعت أخباره، لتفاجأ الأسرة بعد مرور أشهر، بأنه معتقل في السجون العراقية منذ العام 2003، بعدما ألقت عليه القبض القوات الأمريكية في بغداد، و حكم عليه في البداية بسبع سنوات سجنا بتهم الإرهاب.
وفي الوقت الذي كانت تتنظر أسرته بفارغ الصبر عودته إلى أرض الوطن، بعد انقضاء مدة عقوبته السجنية، حدثت مفاجأة غير متوقعة “في آخر اتصال هاتفي أكد لي أخي أن الأمور باتت جاهزة للعودة الى المغرب، وبعد انقطاع الاتصال معه خلال شهرين، ظهر عبد السلام خلال شهر نونبر 2010 على شاشة التلفزيون العراقي،يعترف بارتكابه جرائم إرهابية خطيرة، وعليه آثار فظيعة للتعذيب” يقول عبد العزيز شقيق المعتقل.
ويضيف عبد العزيز، الذي يترأس تنسيقية عائلات المعتقلين والمفقودين المغاربة في العراق “لا يزال أخي في غياهب السجون يعيش انتهاكات مستمرة في حقه والتعذيب متواصل، وعندما نتصل به ممنوع عليه حتى تحديد مكان تواجده، ونحن نعاني بكل ما تحمله الكلمة من معنى”
رواية هذه الأسرة تتطابق جملة وتفصيلا، مع رسالة لمنظمة “الكرامة الدولية” التي تعمل على مساندة ضحايا التعذيب والاعتقال التعسفي والمهددين بالإعدام خارج نطاق القضاء، حيث تؤكد في رسالة وجهتها المنظمة للمقرر الخاص المعني بالتعذيب، بأن المعتقل المغربي هو ضحية انتهاكات خطيرة لحقوقه الأساسية، لكونه لم يتم الإفراج عنه حتى بعد قضائه مدة العقوبة كاملة، بالإضافة إلى إدلائه، تحت الإكراه، باعترافات متلفزة، كانت ساعتها آثار تعذيب واضحة على وجهه.
أسرة المعتقل عملت منذ تلك الفترة، على مراسلة وزارة الخارجية المغربية ومنظمات دولية ووطنية، للتدخل من أجل ترحيله إلى المغرب. “هناك تجاهل تام من طرف الحكومة ولا حياة لمن تنادي…” يقول عبد العزيز شقيق المعتقل.

مغاربة لا أثر لهم
إذا كانت أسر مغربية تعلم وجود أبنائها في سجون العراق، فإن عائلات أخرى تمني نفسها فقط بمعرفة مصير أبنائها الذين دخلوا بلاد الرافدين، ويجهل مصيرهم إلى الآن، حيث يؤكدون بأن أبناءهم لم يموتوا بل إنهم محتجزون في سجون سرية بالعراق.
“كل أم تعيش عذابات يومية جراء فراق أبنائها ووالدتي حاليا مريضة بسبب فقدان ابنها “عمر” الذي اختفى منذ العام 2007″، ولا نعرف هل هو حي أم ميت” تقول “سميرة” شقيقة “عمر”، المفقود في العراق منذ 7 سنوات، وتردف قائلة “أخي تغيب رفقة صديق له، وبعد شهر من ذلك اتصل من سوريا وتحدث مع أمي، ومنذ تلك الفترة انقطعت أخباره وقلوبنا محترقة.. وما يزيد ألمنا أن كل الدول تحركت للكشف عن مصير أبنائها إلا بلدنا”.
وحسب تنسيقية عائلات المعتقلين والمفقودين المغاربة في العراق، التي أُعلن عن تشكيل مكتبها نهاية قبل أسابيع بطنجة، يوجد في السجون العراقية 11 معتقلا مغربيا، بالإضافة إلى أزيد من32 مفقودا بالأراضي العراقية يجهل مصيرهم إلى حدود اليوم.
وكشف يوسف أخريف المسؤول الإعلامي للتنسيقية، عن لائحة صادرة عن وزارة الخارجية اللييبة تؤكد حرص الحكومة على كشف مصير المعتقلين والمفقودين الليبيين، ويتسائل عن السبب الذي يجعل ليبيا والأردن والمملكة العربية السعودية تنجح في وضع حد لمعاناة مواطنيها، بينما لا يسجل للمغرب أي خطوات فعالة.
ويطالب أعضاء التنسيقية أيضا، بزيارة وفد برلماني وحقوقي للوقوف على وضعية المغتقلين المغاربة في السجون العراقية، على غرار ما قامت به دول عربية أخرى.
شبح الإعدامات
خلا ل شهر نونبر من العام 2011، شرعت الحكومة العراقية في تنفيذ سلسة إعدامات في حق عشرات الأجانب المدانين بتهم الإرهاب، ونفذ الإعدام في حق مواطن مغربي يدعي بدر عاشوري، ونقلت جثته إلى مدينة الدار البيضاء حيث جرى دفنها.
تنفيذ حكم الإعدام، أثار مخاوف أهالي المعتقلين المغاربة من امتداد حبل المشنقة إلى معتقلين آخرين، وقد كثفت تنسيقية أسر المعتقلين والمفقودين، جهودها للضغط على الحكومة المغربية، لتتمكن، على الأقل، من وقف تنفيذ الإعدامات، وهو ما أثمر عن إبعاد شبح الموت عن مواطن مغربي ينحدر من طنجة، يدعى محمد إعلوشن.
وقام وزير الخارجية المغربي الأسبق سعد الدين العثماني، العام المنصرم، باتصالات مكثفة مع نظيره العراقي هوشيار زيباري، بهدف وقف إعدام المعتقل إعلوشن إلى جانب معتقلين مغاربة آخرين، وهو ما استجابت له السلطات العراقية في النهاية بتحويل حكم الإعدام إلى السجن.