ترعرعت سميرة حدوشي بين أحضان طنجة وبالضبط في حومة علي باي، من أصل ريفي مائة بالمائة.
عاشت طفولة مدللة، هي البنت الوحيدة وسط شقيقين. لم تحتج في صغرها لشيء، فوالدها المرحوم أحمد حدوشي، كان رجل أعمال ناجح وفتح لها أبواب الرفاهية على مصراعيها، غير أن رحيله في وقت جد مبكر خلق لدى سميرة ارتباكا خاصا بداخلها وغزتها أسئلة وجودية عن هذا الموت، الغريب الغامض في عيون طفولتها والقادم ليختطف قريبا عزيزا.
محاطة بالعرائس
لعل هذا الظرف النفسي الدقيق عجل أكثر بحساسية الطفلة التي وجدت ضالتها في اللعب بالدمى وتزيينها وكأنها كانت تُجمّل حياتها لتنسى قدرا صعبا. تقول سميرة “كنت دوما محاطة بالعرائس والدمى والألوان والأقلام، حتى أنني لم أكن أركز كثيرا في دراستي. كنت مهووسة بالأناقة وكل مايتعلق بمظاهر الزينة، وهذا شيء خُلق معي. كنت دوما تواقة لكي أرى كل شيء جميلا حولي، لم أكن تلميدة نجيبة وكنت مشاغبة واجتماعية في نفس الآن، وأهتم كثيرا بهندام التلميذات حولي لدرجة أصبحت مستشارتهم في اللباس”.

حكاية الأستاذة
درست سميرة في البعثة الفرنسية بـ”ليسي رينيون”، وبعدها التحقت بثانوية ابن الخطيب، وهناك تتذكر حادثة سيئة حينما منعتها أستاذة الاجتماعيات من الدخول للقسم بسبب أناقتها، وكان مبرر الأستاذة أمام المدير هو أنه لا يمكن لتلميذة أن تلبس أفضل من أستاذتها.
تقول سميرة عن هذه الواقعة “لقد شعرت وقتها بالحزن، كنت أنا كما أنا أعشق الترتيب واللباس لاغير، وموقف الأستادة صدمني كثيرا”.

زواج وإبداع
سميرة حصلت على الباكالوريا وتزوجت صغيرة، فأمها كانت حريصة على أن تطمئن على ابنتها في غياب الأب، لكن الزواج لم يحد يوما من رغبتها الملحة لولوج عالم الفن. وبعد إصرار كبير تمكنت من إقناع زوجها وحصلت على دبلوم للخياطة الراقية من الدارالبيضاء ثم من باريس.
الأناقة بالنسبة لسميرة نفس الحياة ووهجها، وهي تقول إن الأناقة ليست في الظهور، بل في ارتداء ما يناسبنا وفي فن التنسيق بين الألوان وما يلائم كل شخصية على حدة.
طنجاوية في الدار البيضاء
سميرة تصر على وصف نفسها بأنها طنجاوية ريفية تقطن الدارالبيضاء. فطنجة مدينتها التي ألهمتها الكثير وتتوق باستمرار لعوالمها وطبيعتها، ومازال بيت العائلة في طنجة، وفيها الأم الرؤوم التي رعت موهبة سميرة دائما، وسحر طنجة الذي لايفارقها ويحضر في كل إبداعاتها العالمية.
الألوان والطبيعة والتنوع الثقافي في طنجة ألهمت دائما سميرة، كما تقول تصاميمها، وكل ذلك جعلها مصممة على الرقي والإبداع، ومصممة أزياء عالمية تعرض في كبرى عواصم العالم لتمثل الزي التقليدي المغربي بلمسة الخياطة الراقية.
لا توجد تعليقات
تصاميم رائعة جدا متمنياتي لكي بتوفيق ولمزيد من النجاح