ظلمنا الحب كثيرا حين حشرناه في يوم واحد وفي عيد واحد. الحب أكبر من العيد.
أجمل التعليقات هذه السنة عن عيد الحب هو من قال: هل سنعيد مع السعودية أم أنها ستسبقنا بنهار؟
غير كاف أن يأتينا ملاك الحب كوبيدون في يوم واحد يظهر ثم يختفي ويتركنا فريسة للفقر العاطفي.
الفنان التشكيلي الجميل، بليلي، يقول لي دائما حين يشعشع رأسه: إن العالم لا يشكو من أزمة اقتصادية أطلاقا أن الأزمة في الحب فقط.. الأزمة عاطفية و ليست في مكان آخر.
نظلم الحب حين تعطيه يوما واحدا ونطوي الصفحة ونعود إلى حروبنا وجفاف العاطفة والروح..
نظلم الحب حين نجعل له يوما واحدا نوزع فيه الحلوى والورود على النساء والعشيقات بينما الورد والكلام الجميل للنساء الجميلات يلزم أن يدوم العام كله و الحياة كلها..
يوم واحد للشجرة ويوم واحد للماء ويوم واحد للبحر.. ويوم للدب الذي ينقرض ويوم للسيدا ويوم واحد لمكافحة التدخين ويوم للتسامح و يوم للسينما و يوم وطني للأعلام و المسرح والتشكيل والموسيقى وغيرها… وهي كلها أعياد بلا طعم ولا معنى ولا جدوى مادام البحر و لماء والشجرة والصحافة والحيوان والمسرح في حاجة إلى الرعاية العام كله. يوم واحد نعلق فيه شعارات ويقدم التلفزيون روبوتاجا مكررا يشبه روبورتاج السنة المنصرمة.. وصافي.. ووقى الله المؤمنين شر القتال..
الحب في زمن الفايسبوك تحول إلى “فاست فود” نستهلكه بسرعة و ننساه..أين هو حب أيام زمان..الحب الآن يمشي على هذا الشكل..
هو: أهلا مرحبا
هي: مساء النور أهلا بك
هو: أنا من الدار البيضاء فينك أنت؟
هي: أنا في مكناس تشرفنا..
هو: عجبتيني تبارك الله عليك زوينة
هي: حتى أنت زوين وعجبتيني الغزال
هو : ههههههه شكرا حبي كنحمق عليك
هي : باركة علي الزين ديالي أنا عطشانة ومكوية بالنار والما يجري قدامي
هو : الله يا الفنون حمقتيني جُوطّييييييييم…
من نزار قباني وقصائد درويش في الحب الى “الو فينك قل لي ألو فينك…أنت كذاب أنت كذاب ”
أين هي أيام الحب الجميل الهادئ الذي يطيب مثلما نعد طاجين على نار هادئة.. الحب جرى له ما جرى في المطبخ.. من المجمار والفحم والإيقاع الهادئ إلى كوكوت مينوت.. أين هي رسائل الغرام التي يأتي بها ساعي البريد؟
كنا نسمع نجاة الصغيرة في “عيون القلب سهرانة ما بتنمشي ونستمع لأغنية” حتى فساتيني التي أهملتها فرحت به رقصت” .. ونسمع “إن قاتلتي ترقص حافية القدمين” وها نحن نسمع في زمن الردة العاطفية “ألو فينك قل لي ألو فينك.. أنت كذاب أنت كذاب”.
انتهى زمن نجاة الصغيرة و نجاح سلام وأحمد البيضاوي وقصائد الملحون، وجاء زمن الحب بالذبح من الوريد إلى الوريد والما القاطع على الزوج المخمور النائم..
قلت إن الحب إما أن يكون العام كله أو لا يكون.. آه نسيت.. معذرة لأنني أتحدث عن الما القاطع في عيد الحب..
مودتي لكل العاشقين والعاشقات ..
وعاش الحب