في الأحراش المجاورة لمدينة سبتة، أو في الجبال القريبة من مدينة مليلية، تعيش عدد من الكلاب حياة هانئة ومرفهة على الرغم من شح المنطقة وانعدام أسباب العيش للإنسان والحيوان معا.
هذه الكلاب التي لا تعيش مثل باقي الكلاب، تقضي الوقت كله بين آلاف المهاجرين الأفارقة، الذين بالكاد يجدون ما يأكلون ويشربون، ويقتاتون من صدقات العابرين وتضامنهم فيما بينهم.
لكنهم، رغم كل ذلك، فإن الكلاب التي تعيش بينهم تحظى بمعاملة لائقة ومحترمة، حيث يتم إطعامها جيدا والاعتناء بها كما يجب.
أما سبب كل هذه العناية التي يوليها المهاجرون الأفارقة للكلاب فهي عناية مصلحة بالأساس، لأن هذه الحيوانات المخلصة تقوم بمهمة على قدر كبير من الأهمية، إن لم تكن مهمة حياة أو موت بالنسبة للمهاجرين الأفارقة.
الأفارقة الذين يتجمعون بالآلاف حول سبتة ومليلية، يعرفون أنهم معرضون باستمرار للمداهمات الأمنية، وتوقع هذه الحملات صعب للغاية بسبب وعورة المنطقة ووجود الكثير من الغابات والأحراش، لذلك تم اللجوء إلى الكلاب لكي تكون أحسن وسيلة إشعار.
وتقوم هذه الكلاب باستمرار بالتجوال في المناطق المحيطة بتجمعات المهاجرين، وفي أية لحظة تحس بوجود غرباء فإنها تنبح بشدة، مما ينبه المهاجرين الأفارقة إلى وجود غرباء، فيأخذون احتياطاتهم أو يهربون في حال كان الأمر يتعلق بمداهمات أمنية.
هكذا تتجمع المصالح من أجل راحة الجميع، فالكلاب تأكل وتشرب وتحرس جيدا، والمهاجرون الأفارقة ينامون مرتاحي البال لأن “الكلب أفضل صديق للمهاجر السري”.
