ندوة حول الصحراء والمجتمع المدني بمقر الجماعة الحضرية لطنجة، وأخرى حول قصف منطقة الريف بالأسلحة الكيميائية من طرف المحتل الإسباني… مبدئيا، لا يوجد بين الندوتين أي علاقة عضوية، بل إن منظمي الندوتين أبعد ما يكونان عن بعضهما، لكن ظهور سمير عبد المولى في الندوة الأولى بعد غياب طويل، وحضور إلياس العماري إلى الثانية، جعل قراءات أخرى تعطى للندوتين، تنتهي كلها إلى موضوع واحد، إنها الانتخابات الجماعية لـ2015.
غاب سمير عبد المولى طويلا عن اللقاءات العامة، وبحثت عنه عدسات الكاميرات بـ”الريق الناشف” فلم تجده، عقب الأزمة الخانقة التي كادت تودي بشركة “كوماريت” للنقل البحري نحو الهاوية السحيقة، وكلام كثير راج في الساحة السياسية، منه الغث ومنه السمين، لكن أكثر الكلام المثير للاهتمام، كان هو الحديث عن إمكانية مغادرته قلعة العدالة والتنمية التي لجأ إليها بعد استقالته من عمودية طنجة، لكن الغريب في الأمر، هو أن اسم “البام” عاد ليبرز كبوابة عبور جديدة لسمير عبد المولى نحو “اللمعان السياسي”، بعدما فقد، أو كاد، “لمعانه” الاقتصادي.
في الجهة الأخرى، يظهر عراب الأصالة والمعاصرة، إلياس العماري، حاملا بين يديه ملفا، لطالما رافقه في الأوقات الحرجة، على ما فيه من خطورة، مرة لـ”ينش” به على الإسبان، ومرات ومرات ليبرزه كبطاقة حمراء في وجه خصوم الداخل، المعروفين منهم والمجهولين، فكانت الندوة التي ابتعدت كثيرا عن جوهر الموضوع، لكن أهم ما فيها أن إلياس قال “أنا لا زلت هنا.. في طنجة”.
وجود سمير في ضفة “المصباح”، وإلياس في ضفة جمعية “ثويزا”، وخلفها متبنيها “البام”، حمل معه رسائل لا تقرأ إلا في سياق سياسي يطبعه تنافر حاد بين الحزب الذي يقود الحكومة، والحزب الذي كان يمني النفس بأن يقود الحكومة، لولا الرياح العشرينية… سياق مطبوع أيضا بحرب كسر عظام صامتة أحيانا ومعلنة غالبا، تصل حد الاغتيال المعنوي لأسماء بارزة على الجبهتين.
ويبدو أن عبد المولى، لا زال يحس بألم طعنة 2010، عندما وجد نفسه وحيدا في مواجهة وحوش السياسة والاقتصاد، المغاربة والأجانب، وقد تخلى عنه حزبه نفسه، بل ربما كان أول من تخلى عنه هم من أوصلوه للعمودية وهو لا زال بعد يحبو في بداية طريق وعر، ما جعله يردد في غمرة الحراك المغربي، أن “المغاربة لا يريدون مؤس البام”، وصنفه ضمن رموز الفساد… فوجود عبد المولى في لقاء العدالة والتنمية كان بمثابة إعلان عن الاستمرار ضمن فريق “المصباح”، وعن الاستعداد لمعركة 2015.
أما إلياس العماري، الذي كان “محفوفا” بأعضاء حزبه، ومنهم القادمون من الرباط خصيصا لندوة طال الكلام عنها دون أي نتيجة عملية، بدا وكأنه يقول أن طنجة لا تزال تعني الكثير لحزبه، أو بالأحرى أنها الآن تساوي أضعاف قيمتها السياسية والاقتصادية سنة 2009، وأن سيناريو تلك السنة، قد يتكرر… من يدري؟