طنجة أنتر:
هناك مسائل تستحق أن تُحكى، لأنه في حكيها عبرة، وأيضا فيها إيقاظ لبعض الضمائر في هذه المدينة، التي تصوف بالكبرى، وفيها الكثير من العقول الصغرى.
يوم الجمعة الماضي بدأ المهرجان الدولي الخامس لطنجة الكبرى للميني باسكيط، وهو مهرجان يتميز بكثير من الجدية والاحترافية، ويستهدف الفئات الصغرى من ممارسي هذه الرياضة من كل مناطق المغرب، وهو مهرجان يشكل سابقة ليس في طنجة فقط، بل في المغرب كله.
يتم تنظيم هذا المهرجان المتألق بشراكة بين جمعية اتحاد طنجة لكرة السلة وبين ولاية طنجة ومديرية الشبيبة والرياضة، وهي شراكة أثمرت الكثير من الأفكار المتألقة، رياضيا واجتماعيا، خصوصا في مجال تنمية الأحياء الهامشية لمدينة طنجة، مثل المخيم الصيفي.
بموازاة مع هذا المهرجان يتم تنظيم ندوات ولقاءات على قدر كبير من الأهمية، مثل ندوة الجمعة حول موضوع تأسيس الشركات الرياضية، والذي أطره محاضرون على قدر كبير من الدراية بهذا المجال.
أقيمت ندوة الجمعة في غرفة التجارة والصناعة والخدمات، في الساعة السابعة تماما، أي في نفس توقيت انطلاق المباراة الملتهبة التي جرت بين البرازيل وبلجيكا، وكانت شوارع المدينة شبه خالية، وكما يحدث كل مرة، فإن الندوات التي تعقد في مثل هذه الظروف تكون قاعاتها أيضا شبه خالية.
لكن المفاجأة، هي أن قاعة الندوات كانت ممتلئة عن آخرها، وحضرتها وجوه رياضية وقانونية واجتماعية فاعلة، وجرت الندوة في جو يسوده الكثير من الاهتمام والنقاش المتبادل، وطوال الندوة لم يغادر أحد القاعة.
كانت هذه الحالة استثنائية جدا في هذه المدينة التي بالكاد تستطيع ملء ثلاثة صفوف في ندوة في الأيام العادية، فما بالك لو عقدت في توقيت واحد مع إحدى أهم مباريات المونديال.
نسوق هذه الحكاية لكي نسلط الضوء على الفارق بين الجدية والاستعراضية، بين جدية نادي اتحاد طنجة لكرة السلة، الذي يعاني ماديا على مختلف الواجهات، واستعراضية جمعيات كثيرة تأكل بيديها ورجليها رغم أنها لا تكاد تقدم شيئا لهذه المدينة.
إذا وصل كلامنا هذا لمن يعنيهم الأمر، فنرجو أن ينتبهوا جيدا ويطرحوا هذا السؤال: هل من الطبيعي أن يعاني فريق اتحاد طنجة؟. هل من المعقول أن يعاني فريق يؤطر الآلاف من لأطفال المدينة رياضيا واجتماعيا ونفسيا كل سنة بمهرجاناته الرياضية ومخيماته ولقاءاته؟ هل من الطبيعي ألا يجد الفريق ما يؤدي به رواتب لاعبيه وهو الذي يقوم بدور يحتاج لمبالغ كبيرة من المال، وهو يقوم بها مجانا؟؟ أسئلة كثيرة ومحيرة.. نتمنى لو نجد لها الجواب يوما.