طنجة أنتر:
على الضفة الشمالية لمضيق جبل طارق، في الجزيرة الخضراء وطريفة وبارباطي، تنتعش أحلام الكثير من الشباب الذين جعلتهم الجغرافيا يأملون في ثروة سريعة، غير أن الحلم بالثروة أسقطهم أيضا في براثن الإدمان.
بين جنوب إسبانيا وصخرة جبل طارق كانت تجارة السجائر منتعشة بقوة خلال سنوات السبعينيات والثمانينيات، ثم عوضها الحشيش، من دون قتل تهريب السجائر، واليوم حل الكوكايين مكانهما معا.
وعلى الضفة الجنوبية من المضيق، في طنجة ونواحيها وتطوان وسبتة ومناطق أخرى، يعيش شباب آخرون نفس حلم أقرانهم على الضفة الشمالية، أي أحلام الغنى والثروة عن طريق التهريب، وكثيرون حلموا بالمال فسقطوا في فخ الإدمان.
إن التشابه مثير بين زوايا هذا المثلث. هناك شباب تخلوا عن دراستهم من أجل البحث عن ثروة سريعة، وهناك من نجحوا وتحولوا إلى رجال مجتمع “محترمين” يوزعون الموت على غيرهم، وهناك من فشلوا ولم ينالوا من تجارتهم غير الموت لهم ولغيرهم.
إن القيم بين هذا المثلث متشابهة إلى حد كبير، إنها قيم المال السريع والثروة التي تجلب احترام الآخرين. هؤلاء الشباب الذين يبحثون عن المال من وراء الكوكايين أو حتى عبر المخدرات العادية لهم نماذجهم التي يحتذون بها.
في طنجة مثلا هناك أشخاص بدؤوا يتاجرون في السجائر المهربة ويهربونها خارج ميناء طنجة وتحولوا إلى أعيان.
وهناك أمثلة عن أشخاص وصلوا إلى البرلمان ويخوضون الانتخابات باستمرار ويجلسون في الحفلات الرسمية جنبا إلى جنب مع مسؤولين بارزين، غير أن تهمة المتاجرة في الكوكايين تطاردهم باستمرار. إنهم النموذج الذي يحتذي به شباب اليوم الذين يريدون أيضا الوصول إلى البرلمان عن طريق الغبرة.
لكن من غير الإنصاف الحديث فقط عن مثلث واحد ظلمته الجغرافيا فجعلته في منطقة تتحرك باستمرار عبر التهريب.
ففي أكبر مدن المغرب، مثل الرباط والدار البيضاء ومراكش وفاس ومدن أخرى، أصبحت شبكات ترويج الكوكايين على قدر كبير من القوة والنفوذ، وتوسعت رقعة الإدمان بشكل مخيف إلى درجة أصبح معها مخدر الحشيش يبدو كمخدر بدائي يدمنه الأغبياء فقط.