طنجة أنتر:
قبل سنوات قليلة، عندما كانت جهة طنجة تطوان الحسيمة تستقبل إلياس العماري كعريس أكثر مما هو رئيسا جديدا للجهة، كان في وسط الجمع رجل صغير البنية أشقر الملامح غامض السحنات يتحرك كأنه مكلف بمهمة خطيرة، وفعلا كان الأمر كذلك، إنه أحمد العْمارتي الإدريسي، الرجل الذي يظهر ويختفي مثل الثعلب.
وقتها جلس الرجل في الصفوف الخلفية كأنه يهرب من الأضواء، ووجد المصورون صعوبة كبيرة في التقاط صور له، لأنه يهرب منهم كما تهرب قطة من طفل مشاغب. ذلك الرجل نادرا ما كان يرتاح لالتقاط صور له.
أحمد الإدريسي، الذي يسميه البعض أحمد العمارتي فقط، لأسباب غامضة، هو ليس من أهل الكهف، بل حاكم جماعة كزناية بطنجة وعضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة وأحد أبرز الذين يصنعون الخرائط الانتخابية داخل الحزب.
وبعد أن تحول إلياس العماري من عريس الجهة إلى طليقها، كان الرجل نفسه حاضرا، أي أحمد الإدريسي، وهذه المرة فعل العكس تماما، وجاء مرتديا جلبابا أرجوانيا وعمامة باللون نفسه، وقرر أن يجلس في الصفوف الأمامية وهو يتعمد بالظهور كمؤلف المسرحية، وجلس جنبا إلى جنب مع عمدة طنجة، ومع إلياس العماري.
وقبل ذلك، خلال المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة بطنجة، كان أحمد العْمارتي الإدريسي هو صانع التمرد على الأمين العام لحزب التراكتور، بنشماس، أو بنتشماست، كما كان يسمى سابقا، أي قبل أن يجد الحاجة ملحة لتلخيص اسمه لأسباب “قاهرة”.
لكن لماذا كان العْمارتي الإدريسي يهرب من الأضواء كما يهرب قط من الماء، ولماذا صار فجأة من عشاق الأضواء؟
هذا سؤال من الصعب الإجابة عليه برد حاسم، لكن ما يعرفه الجميع هو أن الإدريسي يتوفر على علاقات نافذة بقياديي حزب الأصالة والمعاصرة، وهو الذي يملك الكلمة العليا للبام في طنجة والنواحي، وحتى العمدة السابق، فؤاد العماري، لم يكن يستطيع أن “ينفنف” أمام الإدريسي، فما يقوله “السي احمد” هو الذي يجب العمل به.
في جماعة كزناية، التي يحكمها العمارتي الإدريسي، سواء انتخب أم لا، يمكن لأي شيء أن يحدث، فتلك الجماعة تبدو وكأنها جزيرة معزولة خارج كل القوانين، لذلك عندما قرر الإدريسي محو المركز الفلاحي هناك وتفويت هكتاراته لمجموعة الضحى فإن ذلك تم بسهولة ويسر رغم أنها فضيحة بكل المقاييس، وفي النهاية لم يتحرك لا القانون ولا “الكمنجة”.
هناك قضايا أخرى كثيرة يفعلها هذا الرجل من دون أن يرف له جفن، سواء في كزناية أو خارج كزناية، لذلك يتساءل كثيرون عمن يقف وراءه. هناك الكثير من التكهنات حول هذا الأمر، لكنها ليست ألغازا.
لكي يتم فهم طبيعة الدور الذي يقوم به الإدريسي يمكن العودة مجددا إلى يوم انتخاب إلياس العماري رئيساً للجهة، ويم انتخاب فاطمة الحساني، حيث ان الإدريسي يتصرف وكأنه مالك مفاتيح كل شيء، وقلب المعادلات في اللحظات الاخيرة، وكان مهندس تحالف حزب “التحكم” مع حزب “الحكم”..
الإدريسي يسميه البعض ثعلب، ثعلب أشقر يظهر ويختفي، وآخرون يسمونه حرباء تتلون مع الأماكن والظروف، وآخرون يقولون إنه يتقن شيئا واحدا.. الطاعة العمياء وتنفيذ الأوامر!
أحمد العمارتي.. أو الإدريسي، يقترب اليوم من الأضواء أكثر مما يجب.. وربما لم يسمع حكاية الفراشة العاشقة للنار.. !