يستمر التدمير الممنهج للفضاءات التاريخية لطنجة، وهذه المرة، استهدف جزءا من تاريخها الفني، حيث أقدم مقاول على حجب الفضاء المطل على خليج طنجة بحي باب العصا، والذي اختاره الرسام الفرنسي الراحل هنري ماتيس لرسم لوحته الشهير “نظرة على خليج طنجة” قبل أكثر من 100 عام.
منطقة “باب العصا”، المحاذية لساحة القصبة، والتي تشكل جزءا من المدينة القديمة لطنجة، اختارها المقاول المذكور لبناء مقهى فخم من طابقين، حاجبا إطلالة خليج طنجة من جهة، وخارقا القانون من جهة أخرى، حيث يمنع إقامة بناء تجاري من طابقين بهذه المنطقة ذات الخصوصية التاريخية.
وأكد مصدر جماعي أن البناء المقام بباب العصا يخالف قوانين التعمير، حيث إن الرخص الممنوحة لإنشاء مرفق تجاري بالمدينة القديمة محددة في طابق أرضي وآخر علوي فقط، فيما صاحب المشروع أضاف طابقا كاملا.
المصدر المذكور حمل مسؤولية تدمير جزء من تاريخ طنجة لرئيس مقاطعة طنجة المدينة، يونس الشرقاوي، المسؤول المفوض له توقيع رخص البناء داخل تراب مقاطعته، والتي تشمل المدينة القديمة. وحاولت “المساء” مرتين الاتصال بالشرقاوي، وكان هاتفه يرن بالفعل قبل أن يعمد لإقفاله دون الإجابة على الاتصال.
مصدر “المساء”، رجح أن يكون الشرقاوي قد منح رخصة إصلاح للمقاول المذكور، ليستغلها هذا الأخير من أجل توسيع البناية التي كانت تضم مقهى شعبيا، وهي “الحيلة” التي يلجأ إليها مجموعة من منتهكي قوانين التعمير بطنجة، مستغلين عدم دراية جل السكان بأنواع الرخص.
واستغرب المصدر صمت رئيس المقاطعة عن هذا الخرق، الذي وصفه بـ”الفاضح”، متسائلا أيضا عن دور أعوان السلطة الذين يميزون بسهولة بين رخص الإصلاح ورخص البناء.
وأورد المصدر المذكور، أن البناية تخالف قوانين التعمير حتى على مستوى الشكل، الذي لا يتماشى وخصوصية المدينة القديمة، والتي تعرف مشاريع عديدة لإعادة تأهيلها واكتشاف وترميمها واكتشاف أجزاء جديدة منها، في إطار برنامج طنجة الكبرى.
وتعد لوحة “نظرة على خليج طنجة” الفرنسي هنري ماتيس، إحدى أشهر اللوحات التي رسمت لطنجة، وأنجزها ماتيس سنة 1912 عندما كان يقطن بمدينة البوغاز التي ارتبط بها وجدانيا، وكان بحرها وسكانها موضوعا لمجموعة من لوحاته.
عن يومية “المساء”