بقلم: سميرة مغداد
أصبحت ظاهرة تربية الكلاب والقطط ظاهرة لافتة في المغرب. شخصيا لفتتني هذه الظاهرة أكثر بعد رفع الحجر الصحي. بدأت أرى شبانا وشابات يسوقون كلابهم ويتجولون بها، وأحيانا حتى القطط اخترعوا لها أحزمة خاصة وسط الخصر للجر.
رفقة حيوان أليف تمنح إحساسا بالأمان والمتعة، ولعلها تغذي وتعزز علاقتنا بالطبيعة. أنا أيضا انخرطت منذ سنوات في تربية قطة أصبحت جزءا مني ومن عائلتي. مرة في السوبر ماركت وأنا أبحث في الرواق المخصص لمواد تغذية وتربية الحيوانات الأليفة وجدت امرأتين تبحثان عن نوع معين من الحص المخصص لمرحاض القطط حاشاكم، وعجبت من خبرة المرأتين وضلوعهما في كل الأنواع والماركات وخصائصها وأثمنتها، وانخرطت أنا طبعا في الموضوع لأنه يهمني، خاصة وأن الحجر الصحي أفرغ عددا من المواد من السوق، كانتا مهتمتان جدا، وإحداهما لديها ثلاث قطط وأخرى قط وكلب وحياتها كلها لم تعش دون رفقة هذه الحيوانات، بل عبرت إحداهن قائلة “شخصيا، أستغرب كيف يمكن لإنسان أن يعيش بدون قط في البيت. أعرف أيضا قريبات من العائلة لا يستطعن أبدا أن يبتعدن عن الكلاب. لما سألت إحداهن، وهي شابة في الثلاثين، ردت علي أن :رفقة الحيوان أسلم، فهو مطيع ويثمر فيه الخير. كما أنه لا يتكلم ولا يحكم عليك أبدا. فالإنسان لا يمكن أبدا أن يكون محايدا. لابد أن يصدر أحكاما عليك، وهذا أمر أمقته”.
خمنت فعلا أن الإنسان حيوان ناطق، والنطق أو التفوه بكلام جارح أو في غير محله يوتر العلاقات بين الناس ويؤزم الروابط مهما كانت عميقة أحيانا. فالكلام سبب عديد من المشاكل والمشاحنات، ولو التزمنا لغة المشاعر دون كلام قد نكون بخير.
تربية حيوان أليف رفقة ومتعة وإحساس بأنك لست وحيدا حينما تضطر لأن تكون وحيدا، وطبعا مواقف عدة في الحياة تجعلك وحيدا حتى وأنت مع الناس. حسه في البيت يمنح الاطمئنان، حتى من لم يتمكن أن يربي طفلا أو يلتقي بشريك جيد فالحيوانات تسد هذا الفراغ وتمنح نوعا من الإشباع العاطفي وتغذي حتى الحس الإنساني لدى البني آدم.
في آخر زيارة لي لعيادة عمة مريضة في الرباط، ونحن خارجين من البيت مر أمامنا كلب صغير مختلف أسود حالك اللون. شخصيا، قبل النضج العاطفي الحيواني، كنت أتشاءم من كلاب أو قطط سوداء، وبمجرد رؤية الكلب بدأت أتأمل فيه وإذا بشاب بشوش يمر معه. سألته هل كلبك؟ قال نعم. قلت من أي فصيلة هو؟ رد “بيرجي” ألماني. تبع الكلب صاحبه بمحبة وفرح ونحن نتبع الكلب الصغير المختلف بمرح.
لم يمض أسبوع لأهاتف ابن عمتي للاطمئنان على عمتي أجابني وهو يلهث. قلت ما بك.. هل صهد الرباط غلبك؟ قال عدت للتو من جنازة.. أتذكرين صاحب الكلب الذي سألتيه..؟ قلت طبعا ما به؟ رد متأثرا: مات.. دفناه اليوم بعد أن دهسته سيارة وهو يقطع الطريق في الهرهورة، كان يعيش مع والدته وأخيه والكلب الذي اقتناه منذ مدة.. صحت دون أن ادري والكلب؟
الكلاب حينما تفقد صاحبها تعاني كثيرا وقد لا تتحمل، العلاقة تصبح قوية وآسرة. سيعاني الكلب الصغير كثيرا وسيبدأ معاناة خاصة بدون صاحبه. تربية حيوان أو إنسان مسؤولية جسيمة جدا. رحم الله صاحب الكلب.. وكان الله في عون الكلب.
مديرة مكتب مجلة “سيدتي” بالمغرب