طنجة أنتر:
يشكو قطاع سيارات الأجرة بطنجة من سوء التنظيم الذي يرقي إلى مستوى الفوضى العارمة والتسيب الذي يؤدي المواطنون ثمنه بسبب الغياب المطلق للجهات المسؤولة التي يقتصر دورها على منح الرخص، والتتبع اليومي لعملية تسجيل الحضور بشكل روتيني في محطة خاصة تحت مراقبة مصالح الأمن.
أما ما دون ذلك فلا أحد يلتفت إليه، ولا وجود له في قاموس المسؤولين، وكأن الأمر متفق عليه بين كل المصالح المعنية لترك الحبل على الغارب رغم مراسلاتنا المتعددة في هذا الصدد، مما يشجع على مزيد من الفوضى التي تضرب سمعة المدينة في الصميم وتقوض كل ما له علاقة بالنشاط السياحي وحيوية المدينة وجاذبيتها.. ويمكن الارتكاز على هذا النموذج من أجل مقاربة واقع هذا القطاع اعتمادا على صورة ثابتة تتكرر يوميا بباب محطة القطار بطنجة.
الملاحظ هو تكدس عدد كبير من سيارات الأجرة من الصنفين الأول والثاني (صغير وكبير) بباب محطة القطار.
الصنف الثاني(طاكسي صغير) يرفض سائقوه نقل الركاب إلي وجهتم المفضلة، فهم يختارون من الرحلات ما يناسبهم، ويعطون الأسبقية للرحلات البعيدة، أما المسافات القصيرة المنحصرة بين محطة القطار وساحة الأمم أو أي منطقة قريبة من المحطة، فقد تم التخلي عنها، فهم يرفضون نقل المسافرين إليها بدعوى أن ثمن الرحلة غير كاف.
وللمعلومة فإن ثمن الرحلة من محطة القطار إلى ساحة الأمم أو سور المعكازين أوإلى ساحة فرنسا أو ساحة المدينة أو ساحة 9 ابريل يظل يتراوح ما بين ثمانية وعشرة دراهم، ولهذا السبب يطلبون من الزبناء مضاعفة ثمن الرحلة إلي 200٪ في النهار، كما يرفضون نقل أي زبون مع أسرته، مفضلين إركاب 3 زبائن يؤدي كل واحد منهم ثمن رحلته، مما يضاعف مدخول السائق على حساب زبنائه من زوار المدينة والأسر المسافرة.
ونفس الأمر ينطبق على سلوكات العاملين بالصنف الأول لسيارات الأجرة (الحجم الكبير)، فهم يشتغلون بدون تعريفة موحدة في نقل الزبائن داخل المدينة، كما أنهم يتحايلون على الزبائن، إذ يرفض بعضهم الاشتغال مع الأسر المسافرة، ويفضلون الجمع بين خمسة زبناء، كل واحد منهم بصفته المستقلة كي يتضاعف مدخول اليوم.
ومع صدور قرار منع حمل أكثر من زبونين بالنسبة لسيارة الأجرة الصغيرة وأربعة بالنسبة للكبيرة، تحولت محطة القطار إلي سوق لابتزاز المسافرين وزوار المدينة. والغريب في الأمر هو أن معظم السائقين لا ينتظرون الزبائن داخل سيارة الأجرة، بل يقفون خارجها ثم يتوجهون إلي ساحة المحطة قصد اصطياد المسافرين. وكل من قصدهم من المسافرين مباشرة لن يجد من يتحدث معه لأن السيارة تكون فارغة، وتلك حيلة فقط من أجل أن يتهرب السائق من تشغيل بالعداد المتعارف عليه بالنسبة للحجم الصغير وكذلك الحجم الكبير، بهدف فسح المجال لعقد صفقة مع الزبون أو النصب عليه.
إنه مثال حي عن انحطاط ممارسات وسلوكات شريحة مهمة من سائقي قطاع سيارات الأجرة في سياق تعاطيهم للمهنة وتعاملهم مع زبنائهم الذين يعدون مصدر قوتهم اليومي. فبعيدا عن قيم الأخلاق وكل الأعراف والقوانين المنظمة للمهنة، يتحول مستعملو سيارة الأجرة بطنجة إلى فريسة لشريحة من السائقين منعدمي الضمير الذين يقدمون أسوأ صورة عن هذه المهنة الشريفة، كما يسيؤون إلى سمعة المدينة السياحية التي تستقبل أكثر من ضعف ساكنتها على طول السنة.
ففي غياب المراقبة ثم الانسحاب الكلي للمصالح المكلفة بمراقبة القطاع بدءا من “بيرو طاكسي”، إلى مصلحة خلية النقل بالولاية، ثم كل الأجهزة المعنية، نجد أن هؤلاء السائقين يكرسون تلك السلوكات التي لا وجود لها إلا في شريعة الغاب، حيث يفرضون على الزبناء ما لا يخطر على بال من ممارسات الاستغلال والابتزاز مستغلين حالات الإكراه وتزايد الطلب على وسائل النقل العمومي في ظل الأزمة الخانقة التي تعرفها المدينة بسبب فشل الجهات المسؤولة في تدبير هذا الملف على مستوى كل القطاعات الممثلة للنقل الحضري..
والمؤسف أنه بالرغم من المعاناة اليومية للمواطنين بسبب الأزمة التي يشهدها قطاع النقل الحضري (الحافلات، سيارات الأجرة، النقل المزدوج، النقل القروي..)، فإن المسؤولين يعتبرون أن الحالة جيدة، وأن طنجة محظوظة ومتقدمة على مستوى خدمات هذا القطاع الذي تعتبره مثاليا..
عن “المكتب المركزي لرابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين”