طنجة أنتر:
وسط الازدحام غير المسبوق في طنجة وتحولها إلى مكان عالمي لجذب الاستثمارات، لم يعد من باب الخيال أن تكون طنجة أول مدينة مغربية، بل وفي إفريقيا، تقتني سيارات أجرة تطير في الهواء، وهي “السيارات” التي بدأت تجربتها في عدد من العواصم العالمية التي تعرف ازدحاما كبيرا في الطرقات مثل باريس ولندن ونيويورك.
وبدأت مركبات الأجرة الكهربائية الطائرة، تخرج من مراكز البحوث إلى المدرجات بعد طول انتظار، ومن بينها مركبة مصنوعة من شركة “فولوكوبتر”، التي يُتوقع إدخالها رسمياً في الخدمة، لمناسبة دورة الألعاب الأولمبية التي ستقام في العاصمة الفرنسية باريس العام المقبل.
وسيتوسع استعمال هذه السيارات الطائرة بعد ذلك في عدد من مدن العالم، غير أن ذلك سيكون مرتبطا بالعائدات الربحية لللشركات المنتجة لهذه الطائرة التي ستعتمد في البداية على زبائن أثرياء ومن صفوف رجال الأعمال الذين يتبرمون من ضياع وقتهم الثمين في الطرقات المزدحمة بالبشر والسيارات.
وتبدو طنجة مؤهلة أكثر من غيرها لاستضافة هذه السيارات الطائرة عبر شركات خاصة، خصوصا وأن المدينة صارت معروفة بنمو سريع لأثريائها لأسباب مختلفة، كما أنها تجذب باستمرار رؤوس أموال من مختلف مناطق العالم للاستثمار في مناطقها الصناعية المختلفة.
وتوجد طنجة أمام مصير كارثي بعد 5 أو 10 سنوات حين ستتوقف شرايينها الطرقية عن الحركة، وستصبح ملزمة بإيداع وسائل نقل ثورية مثل السيارات الطائرة، وإلا فإن المدينة ستصاب بسكتة قلبية ودماغية في كل القطاعات.
وجرى لأول مرة تجربة “سيارة الأجرة الطائرة فوق مدارج مطار لوبورجيه، في ضواحي باريس، حيث هبطت مركبة “فولوسيتي” المصنوعة من الشركة الألمانية بهدوء، بعد عرض استمر خمس عشرة دقيقة خلال النسخة 54 من المعرض الدولي للطيران والفضاء، الطائرة التي تضم مقعدين، للطيار وراكب بجانبه، تعمل بالبطاريات الكهربائية، من دون إحداث أي ضوضاء تقريباً، وذلك على عكس الطائرات المقاتلة التي تتعاقب الواحدة تلو الأخرى في السماء.
وعلى متن الطائرة، يتحكم بول ستون، وهو بريطاني يبلغ 56 عاماً، بزمام القيادة “البسيطة” نسبياً، بحسب ما قاله ستون، وهو العنصر السابق في البحرية الملكية الذي كان يقود سابقاً طائرات مقاتلة ثم طائرات هليكوبتر، مُشيراً إلى أنه مع هذه المركبة من نوع eVTOL (طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية)، “سيُضطر طيارو المروحيات إلى تناسي مهارات متقدمة”، على قوله، وأضاف أنه في هذه الطائرة البيضاء الشبيهة بالمروحية، “هناك فرق مهم يتمثل في وجود نظام رقمي للتحكم في الطيران”، ما يجعل الملاحة أسهل بكثير.
وتساءلت وكالة الأنباء الفرنسية عما إذا كنا سنستقل مركبات الأجرة الطائرة بالسهولة نفسها لاستخدام سيارات الأجرة في المستقبل؟، وقالت إنه “على أي حال، يخصص معرض باريس الجوي مساحة كاملة لهذه المركبات لأول مرة، تتركز فيه أجهزة ذات تصميم فائق”.
من الأسباب الرئيسية لذلك تدفق الاستثمارات في هذا القطاع، وبحسب دراسة حديثة أجرتها شركة الأبحاث “ديلويت”، جذبت طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية استثمارات بقيمة 6 مليارات يورو على مستوى العالم في عام 2021، و 2.7 مليار يورو في عام 2022، يقول مدير الطيران والدفاع في شركة “ديلويت” جان لوي راسينو، إنه “قبل أربع سنوات، كان هذا قطاعاً استكشافياً للغاية. لقد تعزز وضع السوق قليلاً، واليوم لدينا نماذج أولية حقيقية، وأصبحنا أمام واقع ملموس”.
في موازاة ذلك، يبدو أن الحماس لاستخدام مركبات الأجرة الطائرة موجود فعلاً، ويتجلّى ذلك في ازدياد الطلبيات على هذه المركبات، حيث أعلنت الشركة الفرنسية الناشئة “أسندانس فلايت تكنولوجيز” Ascendance Flight Technologies عن 110 طلبات شراء جديدة لمركبة eVTOL المسماة “أتيا”، ليصل إجمالي الطلبات إلى 505.
من جانبها، تلقت شركة “آرتشر” الأميركية مئة طلب لطائرات إقلاع وهبوط عمودي كهربائية لحساب شركة “يونايتد ايرلاينز”، بأكثر من مليار دولار، ويمكن أن تحمل طائرتها الكهربائية فائقة التصميم، واسمها “ميدنايت”، أربعة ركاب بالإضافة إلى الطيار، يقول مؤسس ورئيس شركة “آرتشر” آدم غولدشتاين، في تصريح للوكالة الفرنسية “يمكننا أن ننقل ركاباً من المطار إلى وسط المدن بتكلفة مماثلة لتلك الخاصة بسيارات نقل الركاب، واستبدال رحلة مدتها 90 دقيقة بالسيارة بأخرى مدتها خمس دقائق”.
