طنجة أنتر:
خلال السنوات الأخيرة، يحس الطنجاويون أكثر من أي وقت مضى بالحنين إلى تلك الأيام الخوالي، عندما كان المقر الحالي لمديرية الثقافة هو المقر الأصلي للقنصلية البريطانية بطنجة، وهي القنصلية التي كانت سفارة فوق العادة في مدينة فوق العادة.. وفوق الجميع.
اليوم، تحول ذلك المقر، الموجود قبالة إعدادية محمد الخامس، إلى مقر رسمي للقطط، حيث تختار قطط المقابر المجاورة اللجوء إلى مقر مديرية وزارة الثقافة للتوالد والتكاثر، في الوقت الذي تعيش فيه الثقافة بطنجة عقما غير معهود.
ومنذ أن حلت زهور أمهاوش بطنجة، فإن القدر اختارها لكي تكون شاغلة للناس الذين يحارون في معرفة ما تفعله هذه الموظفة السامية في مقر القنصلية البريطانية السابق، ولن نسميه مقر مديرية الثقافة لأنه لا علاقة له بالثقافة في الوقت الراهن.
وبالنظر إلى الأنشطة الثقافية التي تجري بالمدينة، فإن مديرية أمهاوش لا تهش ولا تنش، وتكتفي من الغنيمة بالإياب، غير أنه بين الفينة والأخرى يحتضن مقر القنصلية حفلا بسيطا لتوقيع كتاب أو ندوة حول الأوضاع في المريخ وما شابه ذلك.
والغريب أن ملفات تقدم بها مثقفون في المدينة لإقامة أنشطة ثقافية قوبلت بأكثر من الإهمال، في وقت لا يعرف فيه موظفو “القنصلية” أنفسهم إن كانت لالة زهور في مقر عملها أم أن الحنين شدها إلى رياح الصويرة فركبت أول براق.
ولا يبدو منطقيا، ونحن في سنة 2023، أن يتم تعيين مسؤول للثقافة يعتقد أن طنجة هي فقط مدينة التهريب والتبييض والعقار و”لالة ومالي”، بينما يكفي الاطلاع على جزء بسيط جدا من التاريخ الثقافي للمغرب لإدراك أن طنجة كانت الرائدة في كل شيء.. في الصحافة والسينما والتشكيل والمسرح والإبداع عموما.
وفي انتظار أن يجيب أحد عن سؤال من يربح المليون، فإنه من المأمول أن تخرج المديرة الجهوية للثقافة من سباتها الصيفي والشتوي، ليس لإقامة أنشطة ثقافية في المدينة، بل فقط لكي يطمئن عليها الناس، لأن كثرة الغياب تولد القلق، لذلك لا بأس أن تطل زهور على المدينة بين الفينة والأخرى من نافذة قنصليتها العالية حتى تنعشها رياح الشرقي قليلا، خصوصا وأن هذه الرياح كثيرا ما تغضب، وفي هذه الحالة قد تحمل السيدة المديرة على بساط الريح وتعيدها من حيث أتت في رمشة عين.