تتهيأ المملكة المغربية لاحتضان نهائيات أمم أفريقيا 2015 وأملها كبير في استعادة الموقع الذي ضاع منها في العقدين الأخيرين، والسعي لتجاوز الهزات المتلاحقة، وعدم القدرة على ضبط إيقاع أسود الأطلس قارياً ودولياً. ويراهن خبراء الكرة في المغرب على أن تكون أمم أفريقيا فرصة لتجاوز الإحباطات السابقة، وبناء منتخب قادر على منح الكرة المغربية مكاناً متقدماً في المشهد الأفريقي والعالمي، بخاصة أن اللاعبين متوفرون في الساحتين المحلية والدولية، وبخاصة المحترفين الذين يصنعون بهجة كثير من الأندية. إلا أن الضربة القاصمة، كانت حرمان الأسود من لاعبين قادرين على صناعة الفارق، بما يتوفران عليه من مهارات عالية، وهما منير الحدادي وكريم بلعربي.
منير، مغربي أباً عن جد، لكن الإسبان أغروه ببرشلونة أولاً وديل بوسكي دعاه ليكون بين كبار لاروخا ثانياً، فأدرك أنه سيخسر انتماءً تاريخياً لمنتخب وطنه الأم، واعتبره النقاد اختيار العقل لا القلب.
كريم هو الآخر، مغربي عن جد الجد، ولكن لوف اختطفه قبل أن يفكر فيه بادو الزاكي، ووجه له الدعوة لمباراة بولندا، ليخسر هو الآخر منتخب وطنه الأم والأب، وبذلك يلتحق كريم بقائمة اللاعبين المغاربة الذين تقمصوا ألواناً أوروبية، أمثال الفيلايني وبولحروز والشاذلي ورامي وأفيلاي وماهر وغيرهم، بعضهم عن طيب خاطر، وآخرون استسلموا لإغواء الشهرة والمال، وربما لم يفكر لاعبون آخرون في هذه المسألة، لأنه يرى نفسه ألمانياً أو بلجيكياً أو هولندياً أو فرنسياً بحكم الولادة والنشأة، وما المغرب إلا حال انتماء عائلي.
إن خسارة منير وكريم، كبيرة بالنسبة لأسود الأطلس، باعتبار أنهم في مفترق الطرق، والرغبة الملحة في العودة سريعاً إلى الواجهة، ولكن هذا لن يمنع اتحاد الكرة المغربي من القيام بمسح في ملاعب أوروبا إذ توجد جاليات مغربية كبيرة، لجلب لاعبين جاهزين، يجمعون بين الاحترافية والانضباط والمهرة، وهو الشيء الذي فعله روراوة منذ إشرافه على الاتحاد الجزائري، إذ قام بإحصاء لكل اللاعبين الجزائريين في كل ملاعب العالم، ولم يستثن أحداً، ونجح أيضاً في إقناعهم، وعائلاتهم بضرورة اللعب لمنتخب بلادهم الأصلي، وكان من نتيجة ذلك ما هو عليه اليوم من نتائج إيجابية جداً. وهو أمر مشروع، ففضلاً عن ربط أبناء الجزائر المتفوقين بوطنهم، يكون تألقهم إسعاداً للجماهير.
وهذا لا يعني أن الجزائر التي خسرت زيدان وناصري وبنزيمة، لم تخسر آخرين من بينهم نبيل فقير هداف نادي ليون الذي ظل يتأرجح بين المحاربين والديكة، إلى أن جاءته الدعوة من آمال فرنسا ليكون ضمن المنتخب، وهو خيار عقل لا قلب أيضاً، لن يرضي الجمهور الجزائري الذي يرى فيه انتهازية ونقص في الروح الوطنية.
وكان الأشقاء في مصر يعضون على الأصابع، لأنهم لم يتبعوا الخطة والخلطة الجزائرية، وركزوا أكثر، في عصر العولمة الكروية على المنتوج المحلي الأفضل، ولم يقوموا بمسح في ملاعب العالم لجلب لاعبين يسري في عروقهم الدم المصري، كما هو الشأن للشعراوي الذي يلعب لإيطاليا.
وكان روراوة قد قال لي: «يمكن لمصر أن تستفيد من لاعبين تتوفر فيهم شروط اللعب لمنتخب الفراعنة، وأنا أعرف بعضهم»، فلماذا يحق للأوروبيين الاستفادة من لاعبين دمهم عربي، بينما لا تستفيد منتخبات عربية من لاعبين دمهم عربي، ويفضلون عن ذلك التجنيس وفي ذلك شيء من التدليس.
